محرر الشؤون المحلية

أكدت فعاليات وطنية أن حكام الدولة الخليفية استطاعوا، عبر تنفيذ سياسة حكيمة خلال حكم شبه جزيرة قطر والبحرين، تحقيق الاستقرار الأمني في الخليج العربي، ووازنوا بين تعزيز القدرات العسكرية لحماية موانئ شبه جزيرة قطر وإقليم الزبارة، وتوثيق عرى العلاقات السياسية مع القوى الإقليمية والدولية.



وأشار عضو مجلس النواب السابق عبدالرحمن بوعلي إلى أن الازدهار الاقتصادي عادةً ما يواجه مجموعة من التحديات سواء إقليمية أو دولية، ومن بين تلك التحديات التي شهدتها منطقة الخليج في القرن الثامن عشر عمليات القرصنة البحرية على السفن التجارية التي تأتي من شرق آسيا إلى منطقة الخليج العربي، باعتبارها صيداً ثميناً للقراصنة في ذلك الوقت.

وقال: «حين تعاظمت الموارد الاقتصادية وزادت الفرص التجارية في إقليم الزبارة باعتبارها العاصمة التاريخية لشبه جزيرة قطر وجزر البحرين، بدأت تشهد محاولات للاستيلاء على تلك الثروات سواء عن طريق مهاجمة السفن في البحر أو التعدي على الموانئ، وهو ما التفت إليه حكام الدولة الخليفية في ذلك الوقت واستطاعوا أن ينشئوا أسطولاً من السفن الحربية التي كانت مهمتها تأمين التجارة البحرية».

وأوضح بوعلي: «إن التاريخ والوثائق التي سردها الجزء الثامن من وثائقيات «الوطن»، تؤكد أن حكام الدولة الخليفية عندما بسطوا سيادتهم على إقليم الزبارة وكامل شبه جزيرة قطر وفّروا مقومات الأمن الاقتصادي، ووضعوا ممثلاً للحاكم في البدع التي تعرف اليوم بالدوحة».

ولفت بوعلي إلى فترة حكم الشيخ سلمان بن أحمد الفاتح، وما شهدته من تحول سياسي محنك يظهر بجلاء في الخبرة السياسية لحكام الدولة الخليفية وقدرتهم على استخدام العلاقات مع حكام المنطقة كافة، في تعزيز قوة دولتهم التي تشمل البحرين وتوابعها، وهي شبه جزيرة قطر، عبر توقيع معاهدة السلام العامة في عام 1820م، وقد استفاد حكام الدولة الخليفية من هذه الاتفاقية، حيث وفرت للمنطقة الأمن المرجوّ في مرحلة الاحتراب بتوفير ضمانات السلم البحريّ، وكذلك وفرت اعترافاً رسمياً من القوى الإقليمية والدولية بسيادتهم على البحرين وتوابعها.

وبين بوعلي: «أن حكام الدولة الخليفية عينوا ممثلاً من قبلهم على الدوحة من الأسرة الحاكمة، تأكيداً على أهمية على أهميتها الاقتصادية على الساحل الشرقي لشبه جزيرة قطر».

وأضاف أن أهل الخليج جميعاً يورثون أبناءهم حقائق التاريخ ويتناقلونها جيلاً عن جيل.

فيما أكدت عضو مجلس الشورى السابق الدكتورة سوسن تقوي أهمية الدور التاريخي لحكام الدولة الخليفية في تأسيس الدولة بمنطقة شبه جزيرة قطر وجزر البحرين وتحقيق الازدهار التجاري والاقتصادي؛ ليجعلوا من منطقة الزبارة مركزاً إستراتيجياً مهماً بالساحل الشمالي الغربي لشبه الجزيرة.

وأوضحت تقوي أن حكم الدولة الخليفية خلال تلك الحقبة التاريخية كان شاهداً على نهضة تنموية وتجارية واقتصادية كبيرة، وأن بداية تاريخ شبه جزيرة قطر الحديث كانت مع استقرار حكام آل خليفة في الزبارة، إذ ساهم حكمهم في تغيير النظام الاقتصادي لشبه جزيرة قطر بعد فتح البحرين وتعاظم الموارد الاقتصادية وتزايد الفرص التجارية.

وأضافت: «نجح الشيخ سلمان بن أحمد الفاتح في تأمين حركة الملاحة البحرية التجارية، وهو ما يعدّ نقطة تحتسب لميناء الزبارة الذي شهد حماية أمنية، في الوقت الذي كانت فيه المنطقة تعاني من ويلات القرصنة وتضررت التجارة بسبب الاعتداءات المتوالية».

وبيّنت أن توقيع معاهدة السلام العامة عام 1820م، تضمّن ملاحظة مهمة هي الاعتراف الدولي بسيادة الدولة الخليفية على البحرين وتوابعها، فلا يمكن لقوى دولية أن توقع اتفاقية بهذه الأهمية إلا مع الممثل الشرعي الذي يملك حق السيادة والتصرف على أراضي شبه جزيرة قطر ويستطيع أن يوفر الحماية الحقيقية التزاماً ببنود الاتفاقية، وهي الدولة الخليفية».

وقالت: «إن الدولة الخليفية استمرت بعد معاهدة السلام في توفير حماية الأساطيل والسفن التجارية في سواحل شبه جزيرة قطر في مختلف عهود الحكام».

وبينت تقوي أن الشيخ محمد بن خليفة آل خليفة (1843-1869م) عين ممثلاً من قبله على الدوحة في منتصف القرن التاسع عشر، يعكس رؤية حاكم البلاد في تعزيز الازدهار التجاري في شرق شبه جزيرة قطر، حيث اصبحت ميناء مزدهر بعد الزبارة.

وفي ذات السياق، استرجع أحد أفراد عائلة الكبيسي راشد صقر الكبيسي ما كان يسرده والده نقلاً عن جده محمد بن قطامي الكبيسي، الذي كانت لديه سفينة تبحر ما بين البحرين وتوابعها في شبه جزيرة قطر، لتنقل من البحرين المياه والتمر إلى شبه جزيرة قطر، وتعود من هناك بالصخور التي تستخدم في بناء البيوت آنذاك.

وقال: «إن توفير حكام الدولة الخليفية الأمن البحري في الخليج العربي كان له أثر كبير على التجارة سواء الداخلية ما بين البحرين وتوابعها، وكذلك التجارة الخارجية للسفن القادمة من الهند».

وأوضح راشد أن عائلة الكبيسي كانت تعيش تحت حكم آل خليفة الكرام في شبه جزيرة قطر، وتمارس العمل البحري والصيد بأمان تام منذ القرن الثامن عشر. وقال: «إن الاستقرار المجتمعي الذي شهده إقليم الزبارة وما حوله في تلك الفترة حفز قبيلة الكبسة على أن تنتقل من شبه جزيرة قطر، لتعيش في مقر الحكم ولتكون قريبة من مركز صنع القرار، والمنطقة الأكثر ازدهاراً في ذاك العصر، وهي البحرين».

وأضاف راشد أن جده أكد لوالده أن الشيخ محمد بن خليفة الكبير هو باني الزبارة الحديثة والحاكم الذي حولها ميناءً تجارياً يعتبر الأبرز في منطقة الخليج.

وأوضح أن قبائل شبه جزيرة قطر يعلمون هذا التاريخ ويتوارثونه فيما بينهم، وكان من بينهم شعراء ينظمون الشعر في زمن الحرب لتحفيز المقاتلين من جيش الدولة الخليفية، بحسب ما سمعه من جدته التي أكدت له أن النساء أيضاً كانت مهمتهن تقديم العون للمحاربين مع حكام الدولة الخليفية إلى أن انتقلت العائلة بعد ذلك إلى البحرين، واتخذت منطقة عسكر سكناً لها، ثم انتقلوا بعد ذلك إلى الرفاع.