* بقلم النقيب الدكتور عبدالله ناصر البوفلاسة

أضفت العديد من التشريعات البحرينية الحماية الجنائية للأشخاص من مخاطر انشار فيروس كورونا، لاسيما أن مستوى انتشاره مربوط بسلوك الفرد، ولمواجهة هذا التحدي لابد أن تكون الإجراءات والتدابير الوقائية متناسبة مع الوضع الصحي في البلاد. ونتيجة لذلك أعلن الفريق الوطني الطبي للتصدي لفيروس كورونا اعتماد آلية الإشارة الضوئية لمستوى انتشار فيروس كورونا والذي على أساسه سيتم فتح أو إغلاق القطاعات المختلفة، حيث تتكـــون الآليـــة من 4 مســـتويات تبدأ من المستوى الأخضر وهو الأقل في الضوابط ثم الأصفر والبرتقالي ثم الأحمر و هو أشدها في الضوابط، ولكل مستوى إجراءات وضوابط يجب اتباعها.

ولما كان فيروس كورونا (كوفيد 19) يعتبر من الأمراض السارية ومخاطر انتشاره تمثل عبئاً ثقيلاً على المجتمع وقد يهدد ذلك الخطر الأمن أكثر مما تهدده بعض الجرائم التقليدية الأخرى، وهذا ما دفع المشرع ليقرر الحماية الجنائية للأشخاص من انتشار العدوى بفيروس كورونا ومن أهم التشريعات التي تقرر هذه الحماية الجنائية هي قانون العقوبات وقانون قوات الأمن العام وقانون الدفاع المدني وقانون تقنية المعلومات فضلاً عن قانون الصحة العامة، و لهذه المنظومة التشريعية المتكاملة الدور البارز لمواجهة تحديات الجائحة.

وما سيتم التطرق له في هذا المقال هو الإجابة على التساؤلات الآتية:

ما هي عقوبة مخالفة الإجراءات الواجب إتباعها في كل مستوى من المستويات الأربعة؟

ما هي الجريمة التي قد تصل عقوبتها السجن لمدة عشر سنوات والتي قد ترتكب خلال هذه المرحلة؟

ما هي أبرز جرائم كورونا ؟

أولاً: عقوبة مخالفة الإجراءات الواجب إتباعها في كل مستوى:

تختلف الإجراءات والضوابط من مستوى الى آخر وفقاً لما يقرره الفريق الوطني الطبي للتصدي لفيروس كورونا بناء على دراسة الوضع الصحي، وجميعها إجراءات مقرره للحد من انشار العدوى ومخالفها يعتبر مسؤولاً جنائياً عن جريمة الامتناع عن تنفيذ إجراء لمنْع انتشار مرض سارٍ.

وتختلف بعض الاشتراطات الصحية الواجب تطبيقها من مستوى إلى آخر في المطاعم والمقاهي و صالات العرض بدور السينما وكذلك عند إقامة الاحتفالات والتجمعات العائلية في المنازل والأماكن الخاصة. وكذلك الاشتراطات الصحية الواجب تطبيقها في منشآت ومحال الألعاب الترفيهية وغيرها من الاشتراطات، وكلها منشورة على موقع وزارة الصحة وحسابات وسائل التواصل الاجتماعي للوزارة، وبمخالفة أي من هذا الاشتراطات تقوم جريمة الامتناع عن تنفيذ أيِّ إجراء لمنْع انتشار مرض سارٍ.

ومما تقدم يتبن لنا أنه هناك إجراءات وضوابط لكل مستوى وهناك اشتراطات صحية واجب التطبيق لقطاعات والأنشطة و الأمثلة على ذلك كثيرة ونشير إلى بعضها:-

في حال أعلن الفريق الطبي المستوى الأصفر فإنه يسمح بإقامة المناسبات الخاصة في المنازل بما لا يتعدى 30 شخصاً مع وجوب اتباع الاشتراطات الصحية، أما في حال إعلان المستوى الذي يليه وهو البرتقالي يجب ألا يتعدى التجمع 6 أشخاص فقط.

ومثال ذلك لو كنا في المستوى البرتقالي وقام شخص بالدعوى لمناسبة خاصة في المنزل لعدد 10 أشخاص فهو بذلك مخالف لإجراء متبع لمنع انشار المرض وهذا الفعل جريمة جنائية.

وأما المستوى الأحمر فيمنع إقامة المناسبات الخاصة في المنازل مهما كان العدد حتى لو كان أقل من 5 أشخاص.

ومن هنا تتجلى أهمية الاطلاع وفهم الضوابط والإجراءات في كل مستوى من آلية الإشارة الضوئية لمستوى انتشار فيروس كورونا، حيث إن بعض الأفعال مباحة في مستوى ومجرمة في المستوى الذي يليه.

عقوبة جريمة الامتناع عن تنفيذ إجراء لمنْع انتشار مرض سارٍ الحبس الذي لا يقل عن ثلاث شهور و قد يصل إلى ثلاث سنوات والغرامة التي قد تصل إلى عشرة آلاف دينار.

والجدير بالذكر أنه مع عدم الإخلال بالمسئولية الجنائية للشخص الطبيعي، يعاقَب الشخص الاعتباري الخاص بضعف الغرامة المقرَّرة للعقوبة، إذا ارتُكِبَت أية جريمة من الجرائم المنصوص عليها في قانون الصحة العامة.

ومثال ذلك لو تم إعلان المستوى الأحمر يتوجب إغلاق جميع المطاعم والمقاهي والسماح بالطلبات الخارجية والاستلام فقط، وفي هذا المستوى لو قام مطعم بالسماح للأشخاص بالأكل داخل المطعم، فالجريمة هنا هي امتناع عن تنفيذ إجراء لمنع انتشار مرض سارٍ وعقوبة المطعم كشخص اعتباري قد تصل إلى عشرين ألف دينار.

ثانياً: الجريمة التي قد تصل عقوبتها السجن لمدة عشر سنوات والتي قد ترتكب خلال هذه المرحلة:

بناء على اقتصار فتح بعض القطاعات والأنشطة للمتطعمين الحاصلين على الدرع الأخضر بحيث يكون الإثبات من خلال تطبيق مجتمع واعي “BeAware “أو غيره من التطبيقات المعتمدة، أو بإبراز الوثيقة الدالة على ذلك.

مما قد يدفع البعض باستخدام تطبيقات تقنية المعلومات لتزوير الدرع الأخضر بنية استعماله لدخول تلك القطاعات أو الأنشطة ويكون بذلك قد ارتكب جريمة تعتبر جناية يعاقب عليها القانون بالسجن مدة لا تقل عن 3 سنوات وقد تصل إلى 10 سنوات وفقاً لنص المادة (7) من القانون رقم (60) لسنة 2014 بشأن تقنية المعلومات.

وقد يرتكب فعل التزوير بصورة أخرى كتزوير نتيجة الفحص المختبري (PCR ) بنية استعماله، او استعمال نتيجة فحص شخص آخر على أنها له لكي ينتفع بها على سبيل المثال للسفر من دولة إلى أخرى تشترط الفحص، وبذلك تقوم جريمة التزوير التي قد تصل عقوبتها إلى السجن لمدة 10 سنوات وفقاً للقانون.

ويعرف التزوير بأنه تغيير الحقيقة في محرر بأي من الطرق التي حددها القانون وبنية استعماله كمحرر صحيح.

ومما تجدر الإشارة له أن من يقوم بتقديم المساعدة للتزوير في أي من الحالات المشار إليها وتقع الجريمة فإنه يعتبر شريك في الجريمة وفقاً لقواعد المساهمة الجنائية في قانون العقوبات المواد (44-45) ويعاقب الشريك بالعقوبة المقررة للجريمة التي ساعد على ارتكابها.

ثالثاً أبرز جرائم كورونا:

كما أسلفت يعتبر فيروس كورونا (كوفيد 19) من الأمراض السارية وبناء على ذلك فهناك جرائم ثابتة في كل الظروف في ظل انشار فيروس كورونا بغض النظر عن المستويات الأربعة لمستوى انشار الفيروس ومنها على سبيل المثال لا الحصر:

1. جريمة عدم الإبلاغ عن شخص مصاب أو اشتُبِه في إصابته بأحد الأمراض السارية حيث حددت المادة (39) من القانون، الأشخاص الذين تجب عليهم مسؤولية التبليغ ومنهم الطبيب، مسؤول المختبر، أقارب المريض، الشخص الذي يقطن مع المريض في سكن واحد، صاحب العمل أو المسؤول عنه، مسؤول المؤسسة التعليمية وغيرهم من المسؤولين التي حددتهم المادة سالفة الذكر، ونظراً لخطورة انتشار الأمراض السارية نجد المشرع من خلال المادة (39) لم يستثني أقارب المريض من الإبلاغ.

عقوبتها: الحبس الذي قد يصل إلى مدة 3 سنوات والغرامة التي قد تصل إلى خمسة آلاف دينار.

2. جريمة تعمد إخفاء شخصاً مصاباً بمرض سارٍ وهي من الجرائم العمدية التي يشترط فيها أن يكون الجاني عالماً بإصابة الشخص بالمرض الساري، وتنصرف إرادته لتحقيق ذلك.

عقوبتها: الحبس الذي لا يقل عن ثلاث شهور وقد يصل إلى ثلاث سنوات والغرامة التي قد تصل إلى عشرة آلاف دينار.

3. جريمة تعريض الآخرين للعدوى بمرض سارٍ مثال ذلك: لو قام شخص مصاب قرر الطبيب المختص عزلة في المنزل وخرج من المنزل ذاهباً لمجمع تجاري مثلاً، بلا شك خروجه يعرض الآخرين للإصابة ولم يشترط القانون إصابة الغير فمجرد تعريضهم للإصابة تقوم الجريمة.

عقوبتها: الحبس الذي لا يقل عن ثلاث شهور وقد يصل إلى ثلاث سنوات والغرامة التي قد تصل إلى عشرة آلاف دينار.

وبعد أن بينا أبرز الجرائم المنصوص عليها في قانون الصحة العامة والمتعلقة بفايروس كورونا كونه من الأمراض السارية فلا بد من التأكيد أن نصوص القانون تصلح للتطبيق على أي مرض سارٍ وليست محصورة على فايروس كورنا فقط.

تأسيساً على جميع ما تقدم وما أكده الفريق الطبي أن اعتماد آلية الإشارة الضوئية لمستوى انتشار فيروس كورونا لا يعني أننا قد تغلبنا على الفيروس مما يدفع البعض للتراخي في تطبيق الإجراءات الاحترازية، بل على العكس يجب علينا جميعاً أن نستمر بالالتزام التام بالإجراءات الاحترازية فهي السبيل لعودة الحياة لسابق عهدها حيث بدى جلياً للكافة أن التراخي في الالتزام بالإجراءات سيزيد من فرصة انتشار العدوى مما يعرض المجتمع للخطر أكثر وسيتم بطبيعة الحال فرض إجراءات وتدابير وقائية كلما زاد الخطر والغاية هي الحفاظ على صحة المواطنين والمقيمين على أرض مملكة البحرين.

أسال الله أن يحفظ مملكة البحرين وأن تعود الحياة لطبيعتها وأفضل بأذن الله.

تفاصيل آلية الإشارة الضوئية لمستوى انتشار فيروس كورونا

منشور على الموقع الرسمي لوزارة الصحة (www.moh.gov.bh)

* الشؤون القانونية بوزارة الداخلية