شارك الدكتور عبداللطيف بن راشد الزياني، وزير الخارجية، في الجلسة الحوارية الثالثة التي عقدت بمشاركة كل من السيد أيمن الصفدي، نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية وشؤون المغتربين بالمملكة الأردنية الهاشمية، والدكتور فؤاد محمد حسين، نائب رئيس الوزراء وزير خارجية جمهورية العراق، تحت عنوان "الدبلوماسية والردع"، ضمن مؤتمر حوار المنامة في دورته السابعة عشرة، والذي ينظمه المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية ووزارة الخارجية.

وتحدث وزير الخارجية في الجلسة الحوارية حول القضايا ذات الصلة بمنطقة الخليج والشرق الأوسط، بالإضافة إلى مسائل أوسع تتعلق بالسلم والأمن الدوليين.

وقال إن تعريف "الردع" في العلاقات الدولية يركز على السعي للتأثير على سلوك الفاعل لردع مسار عمل معين، مع احتمال فرض عقوبات أو عواقب سلبية أخرى بينما نميل تقليديًا إلى النظر إلى "الردع" بطريقة "الحرب الباردة" القديمة، ممثلة في دولة أو مجموعة دول تسعى للتأثير على سلوك دولة أخرى من خلال التهديد الصريح أو الضمني باستخدام القوة أو العقوبات.



وأضاف وزير الخارجية أننا نحتاج اليوم إلى تبني وجهة نظر أكثر شمولًا، وهي تشمل الردع بجميع أشكاله مما سوف يتيح لنا أن نرى بشكل أوضح كيف يمكن ربطه بتعريف واسع للدبلوماسية الحديثة.

وقال وزير الخارجية إن الردع لم يعد ينطبق فقط على سلوك الدول القومية لأن العالم اليوم يواجه عدة تحديات من مجموعة من الجهات الفاعلة الحكومية وغير الحكومية، بما في ذلك التنظيمات الإرهابية والميليشيات والجماعات التي تعمل بالوكالة، مشيرًا إلى أن ما قد يكون فعالًا كرادع ضد دولة قومية قد لا يكون فعالًا في حالة الجهات الفاعلة غير الحكومية.

وأضاف إننا نحتاج أيضًا إلى تجاوز رؤية الردع من خلال عدسة العمل العسكري أو العقوبات، وهو ما يمكن أن نطلق عليه ردع "القوة الصلبة"، مشيرًا الى أنه في حقبة ما بعد كوفيد19، نحتاج إلى النظر إلى الردع على أنه نطاق أوسع من النتائج المحتملة التي يمكن الاستفادة منها للتأثير على سلوك الخصوم المحتملين، لذا يمكن استكمال الردع "بالقوة الصلبة"، بالردع الإلكتروني، والردع الاقتصادي ، والردع الاجتماعي.

وأكد وزير الخارجية أنه ينبغي أن يكون للضغط من الداخل تأثير على سلوك الخصم، بحيث يرى شعبه وأنصاره عواقب هذا السلوك الإشكالي، سواء من حيث النتائج السلبية المباشرة مثل العقوبات وقيود السفر وما شابهها أو من حيث الفرص الإيجابية الضائعة، بحيث يجد الخصم نفسه مستبعدًا من شبكات السلام والازدهار والتجارة والتعاون إلى أن يعدّل سلوكه المرفوض، ويرى أيضًا أن الآخرين يتقدمون إلى مستقبل أكثر إيجابية، مما سيعرضه لضغوط من الداخل لتغيير سلوكه.

وأضاف أن دول العالم في عصر ما بعد كوفيد19 تريد تحقيق المرونة، بينما تتطلع شعوبها إلى الأمل والأمان والإيجابية، مشيرًا إلى أنه بفضل التقدم في تحليل البيانات والأدوات، ومن خلال تحليل المشاعر على وسائل التواصل الاجتماعي، أصبحت لدينا قدرة شبه فورية لمعرفة كيف يستجيب خصمنا وشعبه ومؤيدوه لجهود الردع "للقوة الناعمة"، ولمعرفة كذلك مدى نجاح هذه الجهود.

وقال وزير الخارجية إن الدبلوماسية تلعب دورًا رئيسيًا في الردع الفعال وهي ضرورية لضمان أن نهجنا سواء كان "القوة الصلبة" أو "القوة الناعمة"، يلبي "الجوانب الأربعة" للردع الفعال وهي: المصداقية، والقياس، والتنسيق، والاتساق.

وأضاف أن الدبلوماسية تعتبر أداة حيوية للردع الفعال والسلبي وأن الدبلوماسية الخاصة هي التي تنسق بين الدول ذات التفكير المتماثل لتطوير وتنفيذ أطر ردع فعالة؛ وأن الدبلوماسية العامة هي التي توصل الردع بوضوح وثبات ومصداقية للطرف الآخر؛ كما أن الدبلوماسية الرقمية هي التي تصل مباشرة إلى داعمي الطرف الآخر وأفراده، وتقيم استجابتهم لجهودنا.

ودعا وزير الخارجية إلى ضرورة الحرص، في حقبة ما بعد جائحة كوفيد 19، على أن نكون مبدعين في استخدام الدبلوماسية وتحليل البيانات في نهجنا تجاه الردع وتنفيذه حتى يمكن العمل من أجل أن تكون منطقة الشرق الأوسط منطقة آمنة ومزدهرة لجميع شعوبها، وأن تكون منطقة مترابطة تقوم على ركيزتي التعايش والاعتماد المتبادل.