حسن الستري

بدأ حياته مدرساً للغة الإنجليزية بالمدارس الحكومية، إلا أن شغفه وولعه بالتجارة دفعه للاستقالة والالتحاق بالشركات التجارية لاكتساب الخبرة الكافية في العمل التجاري والتعامل مع الناس، ليشق بعدها طريقه بالعمل التجاري الذي بدأ به بمعاونة شخص واحد إلى مجموعة بها 280 موظفاً في أكثر من بلد.

عمله الطويل لحسابه الخاص، جعله يفكر في أن الترشح للعمل النيابي لخدمة وطنه، إلا أن الوقت الطويل الذي أخذه منه العمل النيابي، أقنعه بعدم الرغبة بالترشح مجدداً، ليجد نفسه عضواً بمجلس الشورى لثلاث دورات تشريعية.



تلك هي سيرة النائب والشوري السابق رجل الأعمال أحمد بهزاد، الذي أبدى أسفه من قناعة المواطنين بأن الأشخاص الذين يودون الترشح لعضوية مجلس النواب إنما يترشحون للحصول على المكافأة المالية.

بهزاد في حديثه لـ"الوطن"، أكد أن مجلس النواب ساهم في زيادة المجالس الرمضانية، إذ يفتح كثيراً منهم مجالسهم بعد الفوز، وأغلبهم تستمر المجالس معهم حتى بعد انتهاء عضوية المجالس النيابية، مبيناً اختلاف شهر رمضان اليوم عن السابق.

بهزاد، أكد أن التشريعات التي تصدر من مجلس الشورى، تشريعات نخبوية وطنية تكنوقراطية تعكس خبرة أصحابها، بخلاف التشريعات النيابية التي غالباً ما تكون تشريعات شعبوية تعكس الضغط الشعبي الذي يمارسه المواطنون على ممثليهم بالمجلس النيابي. وفيما يلي نص الحديث:

"الوطن": حدثنا عن بدايتك؟

ولدت في فريج الفاضل الذي خرج الكثير من تجار البحرين ومسؤولي الدولة، الذين تربوا في هذا الفريج، لنا ذكريات كثيرة مع كثير مع المسؤولين، خصوصاً في شهر رمضان كانت علاقتنا أخوية لا تفرق بين الأخ وأخيه.

درست المرحلة الابتدائية في مدرسة أبوبكر الصديق التي كانت تسمى سابقاً بالمدرسة الغربية.

وكان مدير المدرسة يومها المدرس الفاضل حسن جواد الجشي، أخو ماجد الجشي والسفيرة بهية الجشي، كان قوي الشخصية يهابه المعلمون قبل الطلاب، وكان من منطقة قريبة من فريج الفاضل، كنا نتفاداه في الطريق من قوة هيبته.

بعد المدرسة الغربية، انتقلت إلى قسم المعلمين في القضيبية وتخرجت من المرحلة الثانوية، والتحقت بقسم التدريس وكان لدي ميول لدراسة اللغة الإنجليزية وتخصصت في دراسة اللغة الإنجليزية.

"الوطن": ماذا كان يعمل والدك؟

والدي كان يترأس مجموعة شركات، وكان موظفاً في مجموعة شركات ويعمل للقطاع الخاص، تربينا في فريج الفاضل بين الأب والأم وكنا 3 أبناء و6 بنات نعيش في فريج الفاضل ومنزلنا كان يقابل المسجد الجامع، وكان يسكن فيه أبي وعمي، تجمعنا علاقات أسرية مترابطة مع أبناء عمي وانعكست علاقات الأبوة على الأبناء، كنا نعيش متحابين.

الترابط الأسري كان موجوداً، حيث ذهب أبي لزيارة شخص يوم العيد، وسأله عنا، فقال له: "لا تأت لوحدك، وكان عمرنا فيها 5 سنوات وخرج أبي إلى الشوارع يبحث عنا للذهاب للسلام عليه، وانعكست هذه الأمور على العلاقات العائلية".

"الوطن": ما كان تخصصك بعد التخرج؟

لما تخرجت من المدرسة، تخصصت في اللغة الإنجليزية، وبعدها أصبحت معلماً، فقد درست لمدة عامين في مدرسة البديع، وسنة ونصف في أم الحصم، ومن ثم انتقلت إلى مدرسة مدينة عيسى.

بقيت في التدريس 6 سنوات، وحينما كنت أدرس كانت تراودني فكرة التجارة والعمل الحر، ولكن عدم الخبرة بالعمل التجاري استلزم مني الالتحاق بشركة تجارية للعمل بها واكتساب خبرة.

"الوطن": هل تذكر تلامذة تتلمذوا على يديك؟

التلميذ يتذكر المدرس أكثر من ذكر المدرس له، درست مسؤولين ونواب وبعض الشخصيات من العائلة الحاكمة.

كنت شديداً في التعليم، وحين أدخل الصف أحس أن التلاميذ يحسبون لي حساب، لم أكن أضرب ولكن أمسكه من يده، فالتعليم أعطاني دافعاً للاتجاه للعمل التجاري.

التحقت بشركة تجمع مكيفات وتبيعها، حيث كان هدفي الاحتكاك بالقطاع التجاري، وهذا مكني لتحقيق الطموح الذي لدي، واستقلت عام 1973 من الشركة، وطالبوني بالبقاء وأن أعمل لعملي الخاص مساء، فقلت لهم دخلت معكم بحسن نية وأترككم بحسن نية.

"الوطن": هل كنت تخشى من اتهامك بالتقصير؟

لا، فقد كنت مجداً، أتذكر في يوم الجمعة ذهبت للدوام، وحين رآني المدير طردني وقال: "تعال اكمل عملك غداً"، ولكني كنت أخشى أن يظنوا أنني أعمل لحسابي الخاص، ولكني استفدت من الشركة في تعلم كيفية التعامل مع الناس.

"الوطن": كيف بدأت تجارتك؟

قبل الاستقالة، كان هناك أمريكي في الشركة وعرض علي الشراكة في خدمات الكهرباء والميكانيكا، ومن اسمها تم اشتقاق اسم إيلامس، سافر إلى وطنه ولم يعد، غيرت اسم الشركة إلى "إيلامس للتجارة"، وضع بيدي كاتلوج لشركة بلاط، طلبت منهم منتجات، وجاءني رجل من إيطاليا يعرض علي منتجات شركة أخرى، ذهبت إلى إيطاليا ورأيت شركة جديدة حجمها بحجم ميناء سلمان، دخلت معهم في مفاوضات وحصلت على 20% تخفيض، وهذا أوجد لي قناعة بأن اللقاءات الشخصية تحصل على عروض أفضل، خصوصاً أنهم راوني مع شخص إيطالي وسكرتيرة إيطالية.

"الوطن": كيف تطور عملك للمرافق الصحية؟

كنت أسير مع زوجتي عام 1974 في باريس ورأيت بانيو معروضاً، فعرفت أنها شركة أدوات صحية، فقلت لهم تبيعون للبحرين، فقال لا، فأخذت الكاتلوج بالفرنسي ووافق أن يعطيني الوكالة، يومها ندمت أنني أخذت الوكالة للبحرين وليس الخليج.

قبل أن أبدأ العمل معهم، تواصلت مع أحد المهندسين بالبحرين ورشح لي اسم الشركة. فهذه كانت البداية، من عام 1973 البلاط ومن 1974 الأدوات الصحية وإلى اليوم نتعامل معهم.

بدأت بمعرض مساحته 120 متراً بشارع القضيبية وضاعفته بعد سنتين من جهة الخلف، بعدها أخذت شقة فوق المعرض، وفي عام 1979 انتقلت لشارع المعارض وكان أول معرض يفتح فيه وكان يقابله مركز المعارض سابقاً، في 1986 انتقلت إلى المعامير.

"الوطن": ألم تخش أن تؤثر كثرة الانتقالات على عملك؟

البعض يقولون لي كثرة الانتقالات تؤثر عليك، ولكننا نركز على المبيعات الخارجية نذهب للاستشاريين والمقاولين ونعرض عليهم البضاعة، كثير من يأتون للنظر وهذه بحد ذاتها نعمة

فتحنا مصنعاً للرخام عام 1986، تطورنا إلى "الواتربروف" وتوقفنا لأن فيه مشاكل كثيرة، جلبنا المطابخ للبيوت والمطابخ للمشاريع، فتحنا إيلامس بالكويت، لكن بسبب العدوان العراقي على الكويت خسرنا كل شي.

"الوطن": ألم تعوضكم الحكومة الكويتية؟

لم يتم تعويضنا بفلس واحد، ولكن تم تعويضنا بشراء معدات، وأرادوا خيمة لقمة مجلس التعاون، وجئت للبحرين واتصلت بشركة ديكور إنجليزية، وأتوا بالمهندسين وعملوا الرسومات/ وأعطينا الخيمة كهدية، وبدأناها بـ3 ملايين دينار كويتي وانتهت إلى 5 ملايين، فطلب مني توفير أرقام، وأعطاني المهندس مكتباً وغرفة، وكان الرقم يكلفني دينارين بحريني وأبيعه بـ5 دنانير كويتي، وبعت 235 ألف رقم، وبهذه المشاريع عوضت خسائري التي كانت وقتها 100 دينار كويتي..فتحت نفس النشاط بالسعودية عام 2000، وفي 2006 فتحت في أبو ظبي، وفي 2010 فتحت في دبي.

"الوطن": ذكرت أنك ندمت لأنك خسرت الوكالة، لماذا؟

حين رأيت الوكالة توزعت في الخليج، أيقنت أن نظرتي كانت محدودة، وهذه أرزاق بالنهاية، لدينا مجالات كثيرة، قسم للمناقصات وقسم للمشاريع الحكومية وقسم للمقاولات، وفتحنا مصنعاً للمطابخ في البحرين، وآخر للمقابض، وفتحنا قسماً للإنارة المنزلية.

والحمد لله، بدأت العمل أنا وشخص واحد، والآن نصل إلى 280 موظفاً، وأحسسنا بتطور الشركة نتيجة الإخلاص في العمل والجودة، والآن نستعد لأن نسلم القيادة للجيل الجديد.

ابني مشعل دخل الشركة عام 1996، وبعده فواز عام 2000، وحمد عام 2003..والآن 3 أبناء يديرون الشركة، ولدي مدير عام ومدير مبيعات أجنبيين، لأننا نتعامل مع الشركات الأجنبية، والتعامل معهم عبر الأجانب أفضل.

"الوطن": كيف كانت بدايتك مع دخول العمل السياسي؟

في عام2001، كنت جالساً في المكتب وزارني أحد المسؤولين، حيث ذكر لي أنه يجري الآن تقسيم البحرين إلى دوائر استعداداً لإجراء انتخابات نيابية.

وقال لي: "لم لا ترشح نفسك، فأنت محبوب في منطقتك، ومن هنا تولدت الفكرة، فقلت اشتغلت 35 سنة لنفسي، لم لا أخدم الوطن..ذهبت للأبناء وعرضت عليهم فكرة الترشح، فقالوا لي: "نحن نؤيدك وندعمك، تفرغ للنواب وتراقبنا، اجتمعت مع رجالات المنطقة، وقلت لهم نويت أرشح نفسي، فأيدوني وأكدوا أنهم سيدعموني".

جرى العمل الجاد، الدائرة تريدني ولدي رغبة بخدمة البلد وترك العمل للأولاد، بدأت الزيارات بالدائرة وعملنا فريقاً وبرنامج عمل، كان هناك حراك سياسي في البلد وكثرت الندوات السياسية، لأن المشروع السياسي لحضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى، مهد لأجواء سياسية وحراك سياسي نشيط، بدأت عملية الترشح وذهبت للترشح.

جاءني رئيس جمعية المنبر الإسلامي وقتها صلاح علي، وعرض علي التعاون، عرض علي تمويل وتصميم برنامج وفريق عمل فقلت له لست محتاجاً لكل ذلك، فقال لي متى ما احتجت شيئاً نحن حاضرون لك، أما الأصالة فكان لهم وجود في أم الحصم، ولكن كلمة المنطقة ورائي أقنعت مسؤولي الجمعية بترك الدائرة لي، فلم تنافسني الجمعية، وتركت الدائرة لي وفزت بالانتخابات.

"الوطن": لماذا لم تنضم إلى كتلة معينة؟

رأست كتلة المستقلين بمجرد نجاحنا بالانتخابات، كنا 18 شخصاً مستقلاً، كنت أجمعهم بالبيت ونتخذ قرارات بعضها يتعارض مع قرارات الجمعيات، وقد أردت جمع النواب للتنسيق بين الأعضاء، وكان على الخط جمعية المنبر، جاءني 39 نائباً لوضع آليات للعمل النيابي.

قال صلاح علي، إنه يريد الترشح لرئاسة البرلمان فقلت لهم نريد خليفة الظهراني، فهو لديه خبرة وأكبرنا سناً، فقالوا لي إنه لا يحضر اجتماعاتنا.

وذهبت للظهراني وقلت له نريدك رئيساً للمجلس ولكن هناك من يعترض لأنك لا تحضر معنا، فقال: "إنه ينوي الترشح فقلت له لابد أن تحضر معنا"، فقال لم "أكن أريد إحراج الآخرين، نريدك أن ترأس المجلس وأنت أكبرنا سناً ولديك خبرة سابقة".

اجتمعنا وتم طرح رئاسة المجلس وجرت قناعة عند صلاح علي ولكن ربعه طلبوا منه الترشح، رشح نفسه خليفة الظهراني وفاز بـ 26 صوتاً مقابل صلاح علي.

"الوطن": البعض يقول إن مجلس 2002 كان أفضل مجلس، ما رأيك؟

دائماً البداية تكون صعبة، مجلس 2002 دخل فيه نخبة معينة من القطاع التجاري والصناعي ومسؤولين في الدولة، كانت لديهم رغبة في خدمة البلد، أنا تركت عملي وذهبت للعمل معهم، ورأست اللجنة الخارجية وأخذت من وقتي الكثير وأبقى للمغرب.

"الوطن": لماذا لم تعاود ترشيح نفسك مرة أخرى؟

وجدت أن دورة واحدة كافية، خصوصاً أن العمل النيابي كان يستغرق الكثير من وقتي، وقد أعلنت ذلك من الدور الثالث، لكي ألزم نفسي، وأخبرت النواب المستقلين فقالوا لي: "إنه قرار كتلة، فقلت لهم الكتلة تأسست بعد دخولنا المجلس".

جاءني عبدالرحمن بومجيد مع أبيه، الذي وقف معي بالانتخابات وكان له فضلاً علي، قال الأب إنك أعلنت أكثر من مرة لن ترشح نفسك، فهل أنت مصر؟، فقلت نعم، فقال لي ما رأيك في عبدالرحمن، فقلت له الفصل الثاني سيكون أصعب، فكيف ستكون لديه جرأة للمناكفة وأنت الذي تتكلم عنه، فقال لي يتعلم مثل ما تعلمت أنت، فقلت له الله يوفقه.

"الوطن": ما الذي تغير بدخولك مجلس الشورى؟

لما أعلنت عن عدم ترشحي للنواب كتب خبر صحافي عنوانه، بهزاد لم يترشح من أجل الحصول على مقعد بالشورى، فرددت عليهم بهزاد لم يتفاد النواب من أجل الحصول على الشورى، فقالوا لي "لما لا تريد الشورى، فقلت لم أقل إنني لا أريد الشورى، ولكن ليس صحيحاً بأنني لن أترشح من أجل الشورى، وتفاجأت بصدور المرسوم وإذا اسمي معهم".

الملاحظ في النواب، أنه في كل فصل يأتونك أناس جدد ويكتسبون خبرة، بخلاف الشورى المعينين من أصحاب خبرة في العمل السياسي والاقتصادي والتجاري والاجتماعي، لذلك نرى في النواب تشريعات شعبوية ولكن في الشورى تكنوقراطية.

بالنواب يقدم الجانب الشعبوي على الوطني. أما الشورى فيقدم الوطني على الشعبوي، لأنهم نخبة من أصحاب الاختصاص في مختلف المجالات، يهمهم مصلحة القوانين والبلد دون عاطفة، أما بالنواب فلديهم وعود قطعوها تجاه المواطنين

"الوطن": كيف تقضي وقتك الآن؟

الآن أعيش بفراغ أقضي وقتي في القراءة والسهر مع التلفاز بالليل، أسهر إلى أذان الفجر، أصلي الفجر وأفطر وأنام، غذائي الساعة الرابعة.

"الوطن": لنتحدث عن ذكرياتك مع الشهر الفضيل؟

في السابق الزيارات مقتصرة على المنطقة بسبب المواصلات، أما الآن فالزيارات تمتد إلى منطقة واسعة كما أن المجالس زادت بسبب مجلس النواب، لأن أغلبهم يفتحون لهم مجالس وكثير منهم تستمر مجالسهم بعد الشهر الفضيل.

أنا شخص استمررت في مجلسي، العلاقات الاجتماعية تختلف عن السابق، كنا سابقاً نتنقل مشياً وكان يهمنا اللعب أكثر، نوعية الناس التي تحتك بها اختلفت.

"الوطن": ما هي النصحية التي يقدمها بهزاد للمترشحين للانتخابات القادمة؟

يؤسفنا أن نسمع من الناس أنهم يريدون الترشح للمكافأة، المواطنون لديهم هذه النظرة ولذلك يمكن أن يكون اختيار المرشح لا يكون على أساس وطني معطاء، أرشح من أريده يستلم المكافأة، أو من يقدم لي المساعدات الخيرية.