العين الإخبارية

أفلتت فرنسا من انتكاسة خفض تصنيفها الائتماني رغم الآفاق السلبية لمستقبل الاقتصاد والانقسام السياسي ومخاطر تنفيذ أهداف الميزانية.

والجمعة، أبقت وكالة التصنيف الائتماني "ستاندارد آند بورز" على درجة فرنسا "ايه ايه" بلا تغيير مستندة إلى "حجج" باريس التي تشير إلى تخفيضات مقررة في العجز والإصلاح الأخير لنظام التقاعد الذي تريده حكومة إيمانويل ماكرون.



وقالت الوكالة إن قرارها هذا "يرجع بشكل رئيسي إلى مراجعة لاستراتيجية تعزيز الميزانية الحكومية"، مشيرة إلى نقاط إيجابية إلى جانب إصلاح التقاعد، بينها الموعد المقرر لإنهاء المساعدات في مجال الطاقة مع تراجع أسعار المحروقات.

أسوأ الدول الآمنة

ودرجة "ايه ايه" من أعلى فئات سلم التصنيف وتدل على قدرة قوية على سداد الديون. وفي أوروبا يعد تصنيف ألمانيا وهولندا (ايه ايه ايه) الأعلى بين الدول. وقد خسرته فرنسا في 2012.

وتتبنى "اس اند بي" سلما من عشرين درجة على راسها "ايه ايه ايه" وهو أفضل تصنيف ممكن، وآخرها "دي" المرادف للتخلف عن سداد الدين.

وحسب الأرقام، تبدو نتائج أداء فرنسا أسوأ من البلدان الأخرى المصنفة في الفئة نفسها، كما أشارت وكالة فيتش التي خفضت التصنيف الفرنسي في نهاية أبريل من "ايه ايه" إلى "إيه إيه سلبي".

آفاق سلبية

لكن "ستاندارد آند بورز" وهي واحدة من 3 وكالات رئيسية للتصنيف الائتماني مع وكالة فيتش وموديز، أبقت في الوقت نفسه على توقعاتها لآفاق "سلبية" مما يمكن أن يؤدي إلى خفض الدرجة في المستقبل.

وحذرت الوكالة من "المخاطر" المتعلقة بتنفيذ أهداف الميزانية الحكومية.

وأشارت في هذا الإطار إلى "غياب الأغلبية المطلقة في البرلمان الفرنسي منذ منتصف 2022، مما قد يعقد تنفيذ السياسات، وحالة عدم اليقين في الاقتصادات العالمية والأوروبية، وتشديد شروط التمويل".

واضافت أن "الانقسام السياسي يضفي حالة من عدم اليقين على قدرة الحكومة على وضع سياسات تفضي إلى النمو الاقتصادي وإعادة التوازن الميزاني".

وكانت وكالة "فيتش" خفضت درجة فرنسا الشهر الماضي معاقبة بذلك باريس على إدارتها لمالية الدولة والأزمة الاجتماعية الأخيرة.

الأعلى مديونية

وقالت "ستاندرد آند بورز" أن حجم الدين العام سيبقى أعلى من 110 % من إجمالي الناتج المحلي في الفترة 2023-2026 "مع عجز مستمر في الميزانية على الرغم من تراجعه".

وكان الدين يمثل 111,6 % من إجمالي الناتج المحلي في 2022. وتأمل الحكومة الفرنسية في خفض هذه النسبة إلى 108 % في 2027.

وفرنسا هي الأعلى مديونية بين الدول في الفئة نفسها (ايه ايه) ويبلغ دينها العام نحو ثلاثة آلاف مليار يورو.

وبعدما بلغ 4,7 % في 2022، يفترض أن يرتفع العجز العام الفرنسي بشكل طفيف هذا العام إلى 4,9 % قبل أن يتراجع تدريجياً اعتبارا من 2024، كما تتوقع الحكومة في برنامجها للاستقرار الذي نشرته في الأسابيع الأخيرة ويتحدث عن عودة إلى قواعد الميزانية الأوروبية (عجز يقل عن 3 %) في 2027.

لكن يبدو أن هذه التقديرات لم تقنع "ستاندرد آند بورز" التي لم تتحدث عن تقديرات ل2027 لكنها تعول على عجز نسبته 3,8 % في 2026 بعد 4,6 % بين 2023 و2025. وكانت تقديراتها السابقة تشير إلى 4,9 % لهذه السنوات.

أما النمو، فتتوقع "اس اند بي" أن يرتفع سنويا 1,2 % في المتوسط بين 2023 و2026 مقابل 1,5 % في تقديراتها السابقة.

ومخاوف الحكومة نابعة من الخطر الذي يشكله خفض التصنيف الائتماني للدولة في كثير من الأحيان ويتمثل بارتفاع أسعار الفائدة على الاقتراض من قبل المستثمرين الذين يطالبون بضمانات إضافية لإقراض فرنسا.

لكن يبدو أن الأسواق لا تخشى عدم تسديد فرنسا لدينها لذلك لم يؤثر خفض تصنيف فيتش فعليا على معدلات الاقتراض الفرنسية.

فرنسا متفائلة

وقال وزير الاقتصاد الفرنسي برونو لومير للصحيفة الأسبوعية "لوجورنال دو ديمانش" إنه "أخذ علما بقرار" الوكالة، معتبرا أنه يشكل "إشارة إيجابية".

وأضاف أن "استراتيجيتنا المالية العامة واضحة وطموحة وتتمتع بالمصداقية".

وتابع أنه سيعلن في 19 يونو/ حزيران عن أول مليار يورو من التوفير لميزانية 2024. وكان قد أعلن عن إنهاء الدعم المالي للغاز الذي تراجعت أسعاره.

من جهته أكد النائب عن حزب النهضة جان رينيه كازينوف المقرر العام للموازنة أن "هذه العلامة تحيي صلابة اقتصادنا وجهود التغيير التي قمنا بها وتؤكد مسار انتعاش المالية العامة الذي اتبعناه".

وكان المسؤولون الفرنسيون يراقبون تحليل الوكالة خوفا على صورتهم كمدراء وإصلاحيين جيدين منذ تولي إيمانويل ماكرون الرئاسة. وكان يمكن أن يمثل خفض الدرجة انتكاسة لهم.

وأكد لومير الأربعاء أنه التقى الوكالة الأمريكية لعرض "الحجج" الفرنسية التي يعتبرها "مقنعة".