انتخب المجلس الأعلى للاتحاد، اليوم السبت، بالإجماع صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيساً لدولة الإمارات العربية المتحدة، خلفاً لأخيه الراحل المغفور له بإذن الله صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان طيب الله ثراه.

نشأته ودراسته..



وُلد سمو الشيخ محمد بن زايد في مدينة العين في 11 مارس 1961م، وهو الابن الثالث لوالده المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان "الأب المؤسس" وأول رئيس لدولة الإمارات.

نشأ في كنف والده وأتمّ تعليمه النظامي بين مسقط رأسه العين ومدينة أبوظبي، ثم التحق بأكاديمية ساندهيرست العسكرية الملكية بالمملكة المتحدة وتخرج فيها عام 1979م بعد أن تلقى تدريبه هناك على سلاح المدرعات والطيران العمودي والطيران التكتيكي والقوات المظلية، ومن ثم انضم إلى دورة الضباط التدريبية في إمارة الشارقة بدولة الإمارات العربية المتحدة.

شغل سموه مناصب عدة في القوات المسلحة الإماراتية وتدرج من ضابط في الحرس الأميري، بقوات النخبة، إلى رتبة طيار في القوات الجوية، ثم تقلد عدة مناصب عسكرية عليا حتى وصل إلى منصب نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الإماراتية في عهد أخيه الراحل الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان الرئيس السابق للدولة.

وقد ساهم سموه بشكل كبير في تطوير القوات الإماراتية من حيث التخطيط الاستراتيجي والتدريب والهيكل التنظيمي وتعزيز القدرات الدفاعية للدولة، مستلهماً توجيهات والده الشيخ زايد بن سلطان وأخيه الشيخ خليفة بن زايد طيب الله ثراهما، في جعل القوات المسلحة الإماراتية مؤسسة رائدة تحظى بتقدير عدد كبير من المؤسسات العسكرية العربية والدولية.

كما شغل سمو الشيخ محمد بن زايد عدداً من المناصب السياسية والتشريعية والاقتصادية في الدولة، فقد عينه والده في نوفمبر عام 2003م نائباً لولي عهد أبوظبي، وبعد وفاة والده في عام 2004م تولى ولاية عهد إمارة أبوظبي، وتولى سموه منصب نائب رئيس المجلس الاعلى للبترول الذي يشرف على شركة بترول أبوظبي الوطنية (أدنوك)، حيث يعتبر المجلس أعلى سلطة نفطية في إمارة أبوظبي.

الإمارات أولاً..

حرص سمو الشيخ محمد بن زايد على مشاركة والده مؤسس الدولة طيب الله ثراه وأخيه الرئيس الراحل على بناء دولة حديثة عمادها العلم والتخطيط السليم والاستثمار في المواطن الإماراتي تحقيقاً للتنمية المستدامة ورفاهية الشعب الإماراتي والوصول بالدولة إلى العالمية، وهذا ما أكد عليه سموه مراراً في المحافل والمناسبات الوطنية بقوله: "إن المجتمع الراقي والمتقدم الذي ننشده والتنمية المستدامة التي نحرص على تحقيقها تتضمن تضافر جهود فئات المجتمع كافة ومختلف الهيئات والمؤسسات العامة والخاصة والعمل بشكل منسجم ومتناغم وبما يحقق الأهداف المنشودة ويعزز ويرسخ مكانة البلاد ودورها المتميز إقليمياً ودولياً".

عُرف سمو الشيخ محمد بن زايد بقيادته الملهمة لتجربة التنمية الرائدة في الإمارات وخططها للاهتمام بالشباب والتعليم، وتمكين المرأة، إضافة إلى دعم الطموحات الكبرى للإمارات في الخمسين عاماً المقبلة، حتى باتت بلاده قدوة لكل الدول وملهمة للشعوب الراغبة في التقدم والتطور وعنواناً كبيراً للإبداع والابتكار.

تقديره للعلم والتكنولوجيا والابتكار..

ويعرف عن صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد بذله الكثير من الجهود لتعزيز المعايير التعليمية في إمارة أبوظبي للوصول بها إلى أفضل وأرقى المستويات والمعايير الدولية. فقد عمل على رفع مستوى التعليم في دولة الإمارات ليضاهي أعلى المعايير الدولية، من خلال منصبه كرئيس مجلس أبوظبي للتعليم، الذي تم تأسيسه في عام 2005 لتطوير وتنفيذ إستراتيجيات تهدف لتطوير التعليم الأساسي والعالي في المدارس الحكومية والخاصة، كما أنه يرأس مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية الذي يعزز المشاركة الأكاديمية في القضايا الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والأمنية ذات الصلة بالمنطقة.

وأولى سمو الشيخ محمد بن زايد دعماً استثنائياً تطوير التكنولوجيا والمنظومة المعرفية والرقمية للانتقال الى الحكومة الذكية وعالم الذكاء الاصطناعي والاقتصاد الرقمي وتبني التقنيات الحديثة في شتى مناحي الخدمات الحكومية والخاصة التي تقدمها الدولة للمواطنين والمقيمين، كما شجع ثقافة الابتكار من خلال رعاية فعاليات مثل المهرجان الوطني للعلوم والتكنولوجيا والابتكار، كما أسس تحدي محمد بن زايد العالمي للروبوت، لتحويل دولة الإمارات العربية المتحدة إلى مركز إقليمي للبحث في مجال الروبوت والأنظمة ذاتية التحكم.

ولعل من أبرز أقوال سموه التي تعكس إيمانه بقيمة العلم وضرورته في بناء الدول وارتقائها ما قاله سموه في كلمته بمناسبة العيد الوطني الـ 39 لدولة الإمارات: "إن اعتمادنا على العلم والمعرفة لتحقيق التنمية الشاملة هو السبيل الوحيد للوصول بدولتنا الى مرحلة الانتاج النوعي الذي لا يعتمد النفط أساساً لدخلنا، وهو ما أثبتته تجارب دول ليس لديها تلك الموارد الطبيعية التي تذكر".

قائد التسامح وصانع السلام..

تاريخ طويل من المواقف الإنسانية والجهود التي استلهمها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد من القائد المؤسس الشيخ زايد بن سلطان طيب الله ثراه، حتى أصبح محط إعجاب وإشادة من قادة وكبار المسؤولين في العالم لجهوده في نشر ثقافة التسامح والاعتدال والوسطية ودوره في دعم التنمية لمصلحة الشعوب على الساحتين الإقليمية والدولية أجمع.

كما برز دور سموه القيادي والمؤثر ورؤيته الحكيمة في إرساء دعائم السلام والاستقرار بالمنطقة والعالم الحرب على الإرهاب ومعركة القضاء على التطرف والجماعات الإرهابية المسلحة بكافة أشكالها وتجفيف منابع تمويلها ودعمها، وهذا ما برز جلياً في قيادته لمواقف دولة الإمارات إلى جانب شقيقاتها في دول مجلس التعاون الخليجي وجامعة الدول العربية في جهود وآليات التصدي للتحديات الأمنية التي تحيق بالأمة وتهدد استقرار المنطقة عبر القيادة الحكيمة للملفات الشائكة في مناطق الحروب والنزاعات وعبر المشاركة في قوات التحالف العربي للدفاع عن الشرعية في اليمن ودعم جهود الاستقرار في فلسطين وسوريا وليبيا والعراق وغيرها من القضايا الاقليمية التي وضعت على مائدة المناقشة في الجمعية العامة للأمم المتحدة خلال فترة ترؤسها للجمعية خلال الدورة الحالية ممثلة عن الكتلة العربية وهو ما جعل من دولة الإمارات الداعم والسند الرئيس لمحيطها الخليجي والعربي والإقليمي بالنظر للمكانة السياسية والدبلوماسية والاقتصادية المرموقة والهامة التي نجحت في تحقيقها خلال سنوات قصيرة.