* توافق بشأن القضايا الدولية وضرورة ردع إيران وحل الدولتين

* بريطانيا: من حق السعودية حماية حدودها من الانقلابيين في اليمن

* الرياض تشتري 48 طائرة "تايفون"



* رفع حجم التجارة والاستثمار إلى 65 مليار جنيه إسترليني

الرياض - إبراهيم بوخالد

دشن ولي العهد السعودي نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود حقبة جديدة من علاقات بلاده الدولية، خلال زيارته إلى بريطانيا، التي تعد أول زيارة أوروبية له بعد 8 أشهر من توليه ولاية العهد، حيث تضمن جدول الزيارة نواحٍ عدة، مثل ملف الحرب في اليمن، وملف الأزمة السورية من الناحية السياسية الإقليمية، وكذلك البحث عن الفرص والمصالح المشتركة بين المملكتين في ظل التغيرات القادمة للبلدين. وارسى ولي العهد السعودي، قواعد من التعاون المشترك بين الدولتين سواء على الصعيد السياسي، أو الاقتصادي، أو التعايش الديني بين الثقافات المختلفة.

وتعد زيارة ولي العهد السعودي مرحلة جديدة من الشراكة الاستراتيجية، في بداية تحوّل مهم في توجه المملكتين، إذ تنفذ الرياض "رؤية 2030"، في حين تتهيأ لندن للخروج من الاتحاد الأوروبي "بريكست".

خطر إيران ودعم الحوثيين

وعززت الزيارة التاريخية لولي العهد السعودي للمملكة المتحدة العلاقات السياسية التي تتطابق في كثير من الاحيان، حيث اتفق الطرفان على حق السعودية في حماية حدودها من الانقلابيين في اليمن، ومواجهة دور إيران التخريبي وضرورة ردعها، وأعلنت الحكومة البريطانية أن رئيسة الوزراء تيريزا ماي، وولي العهد السعودي اتفقا على أهمية الحل السياسي في اليمن. وقال بيان صدر عن مكتب رئيسة الوزراء، إن "تيريزا ماي والأمير محمد بن سلمان اتفقا خلال لقائهما في لندن على دخول المساعدات لليمن، وعلى أهمية الحل السياسي هناك"، مضيفا "كما اتفقا على أهمية مواجهة تدخلات إيران".

وعلى هامش الزيارة الرسمية التي يقوم بها ولي العهد السعودي، وخلال مؤتمر صحافي لوزير الخارجية السعودي عادل بن أحمد الجبير، ووزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون، أكد خلالها الوزير البريطاني "أن الكل يتفهم سعي المملكة لحماية حدودها"، مؤكداً أن "إيران تلعب دوراً تخريبياً وخطراً في اليمن وتزعزع استقرار المنطقة"، موضحاً "الكل يتفهم أن السعودية كانت قد سعت لحماية نفسها ولحماية لحدودها، وهي قد شكلت تحالفاً لدعم الحكومة الشرعية في اليمن". وأشار جونسون إلى "صواريخ الحوثيين التي تطلق من اليمن على المملكة، قائلاً "إيران تلعب دوراً تخريبياً وخطرًا في اليمن، واعتقد أنه يجب علينا أن نعمل معاً للتوصل إلى حل سياسي لردع طهران عن لعب هذا الدور، والنفوذ الإيراني قد توسع حتى أنه وصل إلى العراق وسوريا، فالإيرانيون مع الروس يدعمون نظام الأسد المسؤول عن مقتل أكثر من 400 ألف شخص في صراع دموي، ولابد لإيران وروسيا أن يتحملا عواقب ما تفعلانه في سوريا".

الأمن والدفاع

وقعت الحكومتان على عدد من مذكرات التفاهم لتعميق أوجه التعاون والشراكة بينهما وتعزيز قدرات السعودية الدفاعية، من خلال نقل وتوطين التقنية والمشاركة الصناعية بين القطاع الصناعي الدفاعي في البلدين، وتوفير التدريب، وبناء شراكة في مجال البحث والتطوير على المستوى الحكومي والصناعي في البلدين، وتقديم الاستشارات الفنيّة لبرنامج التحول لتطوير وزارة الدفاع، كما تتضمن توقيع مذكرة إعلان نوايا عن رغبة الجانبين في استكمال المناقشات بينهما للتوصل الى اتفاق لحصول المملكة على 48 طائرة تايفون إضافية.

كما اتفق البلدان على زيادة التعاون في أمن الطيران. وعبرت المملكة المتحدّة عن تقديرها للشراكة مع المملكة العربية السعودية في أمن الطيران، وفي مواجهة التهديد الإرهابي المستمر التي تفي بالالتزامات بموجب قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدّة رقم 2309. ونوه الطرفان بأهميّة خطة أولوية العمل الموقعة مؤخراً بين الجانبين من أجل زيادة تطوير معايير أمن الطيران.

العلاقات الاقتصادية وأهم الصفقات

عقد الامير محمد بن سلمان محادثات ثنائية مع تيريزا ماي دشّنت "مجلس الشراكة الاستراتيجية" البريطاني - السعودي. واتفق الجانبان على العمل لرفع حجم التجارة والاستثمار إلى 65 مليار جنيه إسترليني "نحو 80 مليار دولار" في السنوات المقبلة، بما يشمل الاستثمار المباشر في بريطانيا ومشتريات عامة سعودية جديدة من شركات في المملكة المتحدة.

وأوضح متحدّث باسم "10 داونينغ ستريت" أن هذه الاستثمارات ستشمل عدة قطاعات، بينها التعليم والتدريب والمهارات، والخدمات المالية والاستثمارية، والثقافة والترفيه، وخدمات الصحة وعلوم الحياة، والتكنولوجيا والطاقات المتجددة والصناعات الدفاعية. واعتبر المتحدّث أن هذه الاستثمارات ستشكّل "دفعة مهمة لازدهار المملكة المتحدة ودلالة واضحة على الثقة الدولية القوية في اقتصادنا بينما نستعد لمغادرة الاتحاد الأوروبي".

كما التقى الأمير محمد بن سلمان في العاصمة البريطانية لندن وزير الخزانة البريطاني فيليب هاموند، يرافقه الرؤساء التنفيذيين لكبرى الشركات البريطانية، وجرى خلال اللقاء استعراض أوجه التعاون بين البلدين في المجالات الاقتصادية والتنموية والفرص الواعدة بشأنها وفق رؤية السعودية 2030.

ووقَّعَت السعودية وبريطانيا 18 اتفاقية اقتصادية تعدت قيمتها الملياري دولار في قطاعات متنوِّعة، منها الصحة والرياضة والتعليم والعقارات والبتروكيماويات. تضمنت 6 اتفاقيات أبرمتها "أرامكو السعودية" مع جهات مختلفة، من بينها 3 في قطاع التعليم والتدريب والقيادة مع "تشاتهام هاوس" و"جامعة إمبريال لندن" و"ذا ويلدينغ انتستتيوت". و3 أخرى في قطاع الطاقة مع "فاريل" و"شل" والأخيرة وقعت بالاشتراك مع "سابك" من الجانب السعودي، و"اميك فوستر ويلر" من الجانب البريطاني. كما وقعت "سافانادا" السعودية اتفاقية مع "كورت كافنديش ليميتيد" بقيمة 500 مليون إسترليني في قطاع الرعاية الصحية للمسنين في بريطانيا خلال السنوات الـ5 المقبلة، واتفاقية أخرى مع "ريمستوك ليميتيد" بقيمة 200 مليون إسترليني في قطاع صناعة السيارات البريطانية.

وفي القطاع العقاري تم تأسيس صندوق استثمارات بقيمة 100 مليون إسترليني، للاستثمار في العقارات البريطانية، وقعت عليها "بي إم جي" من الجانب السعودي. وفي المجال الطبي وقعت وزارة الصحة السعودية اتفاقية مع شركة "بوبا" للاستثمار في مراكز الرعاية بالمملكة. وكما تم الاتفاق على التعاون بين وزارة الصحة السعودية و"بابيلون بارترز" في مجال الذكاء الاصطناعي المتعلق بقطاع الرعاية الصحية. وفي قطاع الرياضة تم الاتفاق على استضافة السعودية لبطولة العالم للغولف، ووقع عليها من الجانب السعودي الهيئة العامة للرياضة ومدينة الملك عبد الله الاقتصادية مع الاتحاد الأوروبي للغولف. ومنحت هيئة العامة للاستثمار السعودية عشرة تراخيص للعمل مباشرة في المملكة.

الاستثمارات البريطانية في السعودية

يقدّر حجم الاستثمارات البريطانية في السعودية حتى فبراير 2018، بنحو 12.5 مليار ريال "3.3 مليار دولار"، كما يبلغ عدد المشروعات البريطانية 374 مشروعاً تتنوع بين مشروعات خدمية وصناعية وعقارية وعلمية وفنية وتراخيص مؤقتة.

ويستحوذ القطاع الخدمي على غالبية هذه الاستثمارات بـ285 مشروعاً بتمويل استثماري يبلغ نحو 3.7 مليار ريال "مليار دولار".

وبلغت المشروعات الصناعية البريطانية في السعودية 57 مشروعاً بتمويل استثماري بلغ نحو 7.9 مليار ريال "2.1 مليار دولار"، ومشروعات التراخيص المؤقتة بـ19 مشروعاً بتمويل استثماري بلغ نحو 7 ملايين ريال "1.8 مليون دولار"، ثم المشروعات التجارية بعدد خمسة مشروعات بتمويل استثماري بلغ نحو 852 مليون ريال "227 مليون دولار"، والمشروعات العقارية بمشروعين وبتمويل استثماري بلغت قيمته 3 ملايين ريال "800 ألف دولار"، كما تم الترخيص لخمسة مكاتب علمية وفنية.

ومنحت الهيئة العامة للاستثمار 22 ترخيصاً استثمارياً لشركات بريطانية خلال عام 2017 بحجم تمويل بلغ 11.5 مليون ريال "3 ملايين دولار"، جاء معظمها في القطاع الخدمي بعدد 15 ترخيصاً وبحجم تمويل بلغ 9.4 مليون ريال "2.5 مليون دولار"، في حين بلغ عدد التراخيص في القطاع الصناعي في العام ذاته ثلاثة تراخيص بإجمالي تمويل 1.1 مليون ريال "293 ألف دولار"، وعدد التراخيص المؤقتة ثلاثة تراخيص بإجمالي تمويل بلغ مليون ريال "266 ألف دولار".

وبنيت علاقات السعودية مع المملكة المتحدة على أسس من التعاون والمصالح الثنائية بين الجانبين، إذ تعد السعودية شريكاً مهماً لبريطانيا، كونها أحد أهم مصدري حزمة من المنتجات المتنوعة للمملكة، مثل السيارات والأجهزة والمعدات الكهربائية ومنتجات الصيدلة، بينما تعد السعودية أهم مصدري المنتجات المعدنية واللدائن ومصوغاتها، والورق المقوى، والألمنيوم ومصوغاته، والمنتجات الكيميائية للسوق البريطانية.

القضايا الدولية

أعاد البلدان تأكيدهما على الالتزام بحل الدولتين، وعلى عملية السلام في الشرق الأوسط، بناء على مبادرة السلام العربيّة وقرارات الأمم المتحدّة ذات الصلة.

أما بالنسبة للعراق، هنأ البلدان الحكومة العراقية على التقدم والنجاح الذي حققته ضد تنظيم الدولة "داعش". وأبدت المملكة المتحدة دعمها القوي لتحسّن العلاقات بين المملكة العربية السعوديّة والعراق، بما في ذلك إعادة فتح المعابر الحدودية والطرق التجارية واستئناف الرحلات الجوية المباشرة ودعم إعادة بناء العراق.

وبخصوص سوريا أكد البلدان دعمهما لعملية جنيف التي تقودها الأمم المتحدة ولحل سياسي يستند إلى بيان جنيف "1" وقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254. واتفقوا على ضرورة تنفيذ وقف إطلاق النار على وجه السرعة، على النحو المطلوب في الأمم المتحدة وقرار مجلس الأمن رقم 2401، للسماح بتسليم المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة والإجلاء الطبي.

كما عبر البلدان عن دعمهما للحكومة اللبنانية وأهمية تمكينها من بسط سيطرتها على كامل الأراضي اللبنانية ونزع سلاح ميليشيا حزب الله، والتصدّي لدورها المزعزع للاستقرار.

وبخصوص السلام في ليبيا ثمن الجانبان جهود الأمم المتحدّة لإحلال السلام في ليبيا، ويدعوان إلى دعم جهود مبعوث الأمم المتحدّة إلى ليبيا.

وأكد البلدان التزامهما بتعزيز التعاون بين المملكة المتحدة ومجلس التعاون الخليجي، وتنفيذ البيان المشترك المتفق عليه بين المملكة المتحدة ودول مجلس التعاون الخليجي في ديسمبر 2016.

التعايش الديني

التقى الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، رئيس الأساقفة جاستن ويلبي، وجرى خلال اللقاء، التأكيد على أهمية دور مختلف الأديان والثقافات في تعزيز التسامح ونبذ العنف والتطرف والإرهاب وتحقيق الأمن والسلام لشعوب المنطقة والعالم، وتسلم ولي العهد السعودي "مخطوطة القرآن الكريم ببرمنغهام" وهي واحدة من أقدم السجلات الباقية للقرآن الكريم، ومكتوبة بالخط الحجازي، وتحتوي على آيات من الصور القرآنية.