في محاضرة جماهيرية خلال "الشارقة الدولي للكتاب"


"الحياة رسائل والناجح من يتقن قراءتها"، عبارة بدأ بها الدكتور أحمد عمارة، استشاري الصحة النفسية، محاضرته الجماهيرية التي استقطبت زوار معرض الشارقة الدولي للكتاب، والتي تحدث فيها حول دروس الحياة ورسائلها، مشيراً إلى أنه مع أهمية وخطورة الرسائل في الحياة، ينظر الكثير من الأشخاص إليها بعين الاستخفاف، بتحوليها إلى مصادر قلق وحزن بدل استثمارها كعوامل تحفيز وتعزيز للحياة.

وأكد الدكتور عمارة أن الرسائل موجودة في كافة مراحل الحياة ومواقفها، طالما أن الإنسان تدب فيه الروح، لكن المهم أن نكون قادرين على قراءة تلك الرسائل قراءة واعية، وأن نملك الإمكانات والأدوات التي تؤهلنا لفهم واستيعاب رسائل الحياة للاستفادة منها، وجعلها وقوداً لنا للاستمرار والتطور، موضحاً أن كل أسلوب يكلمنا به خالق الكون لأجل التطوير والتزكية وتحسين حياتنا على الأرض هي رسائل ينبغي أن توضع موضع التأمل والتحليل.

فاعل ومفعول

وحول أنواع الناس في تلقي الرسائل، أشار مستشار الصحة النفسية وأحد مشاهير التواصل الاجتماعي إلى أن الناس منهم الفاعل الذي يضع الخطط وينطلق نحو الحياة بكل إرادة وطموح، متزوداً بالأدوات التي تمكنه من اتخاذ القرارات الصحيحة، من تفكير وعزم على التغيير ومبادرة للإنجاز بكل شغف ومتعة للتطوير، ومنهم من يتلقى الرسائل من موضع المتأثر لا المؤثر، والذي يتحكم فيه روتين الحياة، ولا يبدع في اتخاذ أي قرار.

وأضاف عمارة أن تفاصيل الحياة مليئة بالرسائل بمستويات متعددة، من حيوانات ونباتات وظروف معيشية وأشخاص نتعامل معهم، فضلاً عن التجارب التي نلتقطها من حياة الآخرين، والعاقل يغوص في تحليل الإشارات التي تأتيه ليستثمرها في تطوير ذاته.

إشارة حمراء

وتحدث الدكتور أحمد عمارة عن الرسائل التنبيهية التي تأتي للشخص الذي يسيء للآخرين في تعامله معهم، لتمثل له إشارة حمراء يتنبه بها إلى أنه أخطأ وعليه أن يعود إلى رشده، كما أنها تأتي لتنبهه إلى مخاوف لم يتعافَ منها بعد، وهي تترافق بمشاعر متدرجة بحسب اهتمام الإنسان لها وتفاعله معها.

وقال عمارة: "أما الرسائل الإرشادية فهي التي تنير الطريق للإنسان لتدله على ما يبحث عنه، وتعني أن الشخص صادق في بحثه عما يدعم نفسه، كما أنها تجيب عن تساؤلات الإنسان وتختصر عليه الطريق".

أوهام موروثة

وحول رسائل الارتباط الشرطي، أفاد الدكتور عمارة بأنها تلك التي تستحث المشاعر المدفونة للخروج والتنظيف، وتكشف عن خبايا تراكمات قديمة من عادات يتبناها الإنسان في عقله الباطن، وتتحكم بعقله اللاواعي، كما أنها تكشف أوهام الموروث الخاطئة، كالتشاؤم من شخص أو أرقام أو لون معين، بسبب مواقف حدثت له في السابق.

وأشار الدكتور أحمد عمارة إلى وجود رسائل تأكيدية تؤكد قناعات الشخص السابقة، وهو يرى أنها مقياس دقيق لحالة الشخص وطاقته الفعلية لا الكاذبة، وهي مهمة في تمارين استقراء الواقع كما أنها دقيقة دقة لا متناهية في وصف ما في نفس الإنسان، كمن يؤمن في نفسه أن رحلته ستكون فيها الأعباء والضغوطات والمشاكل، وإذ بتوقعاته تتحقق، وهنا يبرز عمارة أهمية التفاؤل وضرورة أن يعزز الإنسان في نفسه أن الأمور القادمة ستكون للأفضل، مع عدم إهمال العمل.

وحول أدوات إتقان قراءة الرسائل، أوضح عمارة أن التقبل والاسترخاء والتأمل والتحكم في التفكير وقتل الفضول، مساهمات رئيسة في قراءة الرسائل بشكل أفضل، وأن يتأنى في قراءة الرسائل، بحيث تكون قراءته لها على تدرج دون الاستعجال.