تهدد تداعيات الإغلاق الذي فرضته السلطات الصينية في شنغهاي لاحتواء تفشي فيروس كورونا، بزيادة اضطرابات سلاسل الإمداد العالمية في موانئ عدة بأوروبا والولايات المتحدة، عندما يبدأ الشحن البحري في التحرك مجدداً، بحسب تقرير لصحيفة "فاينانشال تايمز".

وقالت الصحيفة البريطانية في تقرير، الأحد، إن تداعيات الإغلاق في شنغهاي امتدت إلى جميع أنحاء العالم، حيث حذرت الشركات متعددة الجنسية مثل "أبل"، و"تسلا"، و"جنرال إلكتريك"، و"أمازون"، و"أديداس"، و"إستي لودر" من حدوث اضطرابات في سلاسل إمداداتها بسبب إغلاق المدينة التي تعبر من خلالها 20% من التجارة الدولية للصين.

ورجحت تزايد هذه التحذيرات في حال تشبثت الصين بموقفها، ومواصلة تطبيق سياسة "صفر كوفيد"، التي جعلت الملايين من العمال ملازمين لبيوتهم.



وكان الرئيس الصيني شي جين بينج، تعهد باتخاذ إجراءات صارمة ضد الانتقادات الموجهة للسياسة التي صممها، رغم المؤشرات على أن نهج "صفر كوفيد" يضر بالاقتصاد.

ويتزايد القلق منذ إغلاق مدينة شنجن الساحلية لفترة قصيرة في مارس الماضي، وإغلاق مدينة شنغهاي في نهاية الشهر ذاته. وتفرض السلطات الصينية في الوقت الحالي قيوداً على العاصمة بكين ومدينة تشنجتشو.

وحذرت "فاينانشيال تايمز" من أن استمرار الإغلاق يدق أجراس الإنذار في الشركات التي تعتمد على المواد الخام، والسلع، والمكونات القادمة من الصين، التي تضم سبعة من أكبر 10 موانئ حاويات في العالم، بما في ذلك موانئ نينجبو، وشينجن، وجوانزو.

ونقلت عن ماري كريستين-لومبارد، الرئيسة التنفيذية لشركة "جيوديس" المملوكة للشركة الوطنية للسكك الحديدية في فرنسا، قولها: "في عام 2022، الصين تغلق مرة أخرى. مصانع عملائنا (في الصين) غير قادرة على العمل، ومنتجاتها لا يُمكن إنتاجها، لذلك الأمر سيء للغاية. في البداية شينجن، ثم شنغهاي، والآن بكين. هذا يثير القلق في أذهان عملائنا".

نقص السلع في أوروبا

بينما حذّر يورج ووتكي، رئيس غرفة التجارة الأوروبية في الصين، التي تمثل نحو 1000 شركة في البلاد، مؤخراً من حدوث نقص في السلع في أوروبا. وقال ووتكي في مطلع الشهر الجاري: "لم نشهد هذا النوع من عدم اليقين من قبل. الأمر يزداد سوءاً أسبوعاً تلو الآخر".

ووفقاً للصحيفة، تهدد هذه الاضطرابات في سلاسل الإمداد العالمية بزيادة الضغوط التضخمية التي تتفاقم نتيجة الحرب الروسية في أوكرانيا. وكانت أسعار الشحن البحري والجوي قد ارتفعت إلى مستويات جديدة في عام 2020-2021 بسبب الاضطرابات التي أحدثتها جائحة فيروس كورونا. ويقدر صندوق النقد الدولي أن الزيادات في أسعار الشحن العالمي أضافت وحدها 1.5% لتوقعات التضخم لهذا العام.

ولا يزال الكثير من العاملين في قطاع النقل، والخدمات اللوجيستية يشعرون بالتفاؤل بشأن إمكانية تجنب ما هو أسوأ. ولكنهم أيضاً يدركون أن عودة المصانع الصينية إلى وضعها الطبيعي قد يضيف ضغوطاً على بعض الموانئ الأوروبية والأميركية.

من جانبه، قال هانز ناجتيجال، مدير إدارة الحاويات في ميناء روتردام، أكبر موانئ أوروبا، للصحيفة: "بالتأكيد نحن نرى البضائع تجد طريقها إلى روتردام. ولكن الأمر يصبح أكثر تعقيداً من الوضع الطبيعي. هذا يخبرني بأننا لم نخرج من العاصفة".

وأبقت الصين موانئها مفتوحة إدراكاً منها للدور الرئيسي للبلاد في سلسلة الإمداد، ولكنها فرضت على العمال نظام "الحلقة المغلقة" الذي يجبر العمال على العيش في أماكن العمل.

في هذا الصدد، قال مسؤول تنفيذي لإحدى شركات السفن في شنغهاي، تحدث بشرط عدم الكشف عن هويته، للصحيفة: "من الصغب للغاية بالنسبة للشاحنات دخول المدينة والخروج منها دون إصدار التصريح المناسب. المشكلة هي أن التصاريح الصادرة من مكان واحد غير مقبولة عالمياً".

وقد يتعين على السائقين إجراء المزيد من اختبارات فيروس كورونا بسبب عدم صلاحية الاختبارات في جميع المقاطعات، وإمكانية عدم اعتراف بعض المقاطعات بتصاريح السفر الصادرة من مقاطعات أخرى، بحسب الصحيفة.

"صفر كوفيد"

وتشترط "صفر كوفيد"، عزل جميع الحالات ومخالطيها المباشرين في المنشآت الحكومية كوسيلة للقضاء على انتقال العدوى. كانت الاستراتيجية فعالة في القضاء على كوفيد-19 في وقت مبكر من الجائحة، ولكنها واجهت تحديات مع انتشار المزيد من متحورات الفيروس القابلة للانتقال مثل "أوميكرون".

ولا تحيد السلطات الصينية عن التزامها بالقضاء على فيروس كورونا، بدلاً من التعايش معه كما تفعل أغلب الدول التي خففت أو تخلت تماماً عن قيود مكافحة المرض.