ما إن يذكر اسم ”عادل إمام“ الذي تحل ذكرى ميلاده الثانية والثمانين، اليوم الثلاثاء، إلا ويتبادر إلى الذهن كيف استطاع هذا الممثل الظاهرة أن يبقى في الصدارة ما يزيد على نصف قرن تقريبا.

وكما هو معروف أن الحفاظ على النجومية أصعب بكثير من الوصول إليها، وهو ما اشتغل عليه النجم المصري منذ بدايته، معتمدا على كاريزما خاصة مكّنته من أن يحتل مكانةً هامةً في ذاكرة المشاهدين والمتابعين لأعماله في المسرح والسينما والتلفزيون على حد سواء.

وفي إحدى المرات قال الناقد طارق الشناوي، إن ”عادل إمام هو كاريزما تسير على قدمين“، وهذا الكلام دقيق، وما عمل عليه بطل فيلم ”الإرهاب والكباب“ هو تكريس نجوميته ليس في الكوميديا التي بدأ منها، وإنما وسَّعها إلى معظم الأشكال التمثيلية، وذلك من خلال وعيه بأهمية دوره كفنان له رسالة.



ويتسم عادل إمام بالذكاء العاطفي؛ ما جعله يعرف ما يريده الجمهور، وما يؤثر فيه، وطبعًا الجمهور بكافة شرائحه وليس النخبة فقط، وهذا ما سخَّره في معظم الشخصيات التي أداها؛ ما جعل الإنسان العادي والناقد يطلقان عليه لقب ”الزعيم“، وهو ما ناله بجدارة واستحقاق.

ومن المعروف أيضًا عن ”إمام“ مرونته العالية وقدرته على دراسة خياراته بدقة، لذا نراه ينتقل بسلاسة من الكوميديا إلى التراجيديا، ومن الشاشة الفضية إلى التلفزيون ثم إلى خشبة المسرح، وبكاريكاتيرات بقيت محفوظة في ذاكرة المتابعين لأعوام عديدة.

وإن تكلمنا نقديًا فإن هذا النجم الكبير يستدعي الشخصية إليه ولا يذهب هو إليها، لأنه يعرف مخاطر الدخول في المناطق غير الآمنة تمثيليًا، لذا نراه يعرف جيدًا طبيعة الشخصية التي يؤديها وإمكانياته الفنية في الإضافة عليها، وتوظيفها لما يخدم مسيرته الطويلة.

وكان رهان ”إمام“ الدائم على شباك التذاكر، فهو بالنسبة له مقياس النجاح الوحيد، لا الحصول على جوائز، ونصيبه منها لا يذكر، وبرأيه أن محبة الجمهور هي الجائزة الأهم التي قد ينالها يومًا.

واشتغل عادل إمام وفق هوى الجمهور في كثير من مراحل حياته الفنية، ككوميديا الأكشن، والهزل من السلطة، والجنس وتلميحاته، والقبلات الساخنة لأجمل النجمات، إلى جانب ”الأفيهات“ اللفظية والسخرية الشديدة ممن هم أهل مال أو سلطة، مما جعله يمتلك رصيدً هائلًا من الأقوال التي باتت مأثورة ويرددها الجمهور في كثير من المواقف.

وطبعًا ساعده زمن انبثاق نجوميته حيث كانت مصر مقبلة على انفتاح اقتصادي، والإنتاج الفني فيها في ذروته، كما ساعده شكله القريب من الطبقات الكادحة، لأن يصبح ممثلهم فنيًا، فهو متحدي السلطة، وصاحب القوة في مواجهة الأشرار، والحبِّيب الظريف،... والجميل أنه صاحب نكتة حاضرة دائمًا، ففي لقائه الأخير مع الإعلامي عمرو الليثي، سأله الأخير حول رأيه في ”الدعاة اللي بيطلعوا على القنوات الخاصة وبيوجهوا كلامهم للشباب“، ليرد عليه إمام، قائلًا: ”فيه دعاة شكلهم يموت من الضحك، ودعاة معقولين، ودعاة حكوميين، ودعاة فضائيين، وفي محليين، وفي دوليين، وفيه فوضى.. الظاهر إنها فيها مكسب كويس، لدرجة إني فكرت لو بطلت تمثيل هشتغل داعية ديني، وأنا قادر“.

وأضاف: ”في مرة أخويا كان بيبني جامع في المقطم، وكان عازم وقتها وزير الأوقاف على افتتاحه، وكنت حاضر وقتها ولقيت الناس حواليا كانوا مستعجبين إني ممثل وبصلي، فمسكتهم وادتهم كلام في الدين كما لو كنت على المنبر، فقالولي (ما أنت كويس أهو تنفع شيخ جامع.. الأستاذ بيتكلم كلام زي الشيوخ)“.

يذكر أن آخر الأعمال الفنية التي قدمها عادل إمام في الدراما التلفزيونية مسلسل ”فلانتينو“ عام 2020، وشارك في بطولته الفنانة الراحلة دلال عبدالعزيز وحمدي الميرغني ومحمد الكيلاني وهدى المفتي وبدرية طلبة وإنعام الجريتلي ووفاء صادق، ومن تأليف أيمن بهجت قمر، ومن إخراج رامي إمام.