تثور تساؤلات عديدة حول الأسباب التي ترفع معدلات الوفيات بين الأوروبيين جراء الحر خلال فصل الصيف، رغم أنها تكون في معدلات أقل من مثيلاتها في دول ومناطق أخرى، خاصة منطقة الخليج العربي.

ورصدت بعض الحالات التي سجلت فيها وفيات بين الأوروبيين عند درجات حرارة تصل إلى 41 درجة وما حولها، في الوقت الذي تصل الحرارة في منطقة الشرق الأوسط والخليج أحيانا إلى ما يقارب 50 درجة مئوية.



ويجيب البروفيسور عبدالله المسند نائب رئيس جمعية الطقس والمناخ السعودية على تلك التساؤلات، من خلال سلسلة تغريدات نشرها عبر حسابه في تويتر، بعنوان ”لماذا الحر يقتل في أوروبا؟“.

وقال المسند: ”من أكثر الأسئلة طرحا إبان موجات الحر الأوروبية، على الرغم أن درجة الحرارة العظمى على أجزاء من أوروبا بلغت نحو 40 ±1 درجة مئوية فما هو السبب أو الأسباب في ذلك؟ الجواب: الوفيات جراء موجات الحر في أوروبا تكون في كبار السن المرضى على وجه العموم“.

وأضاف: “ وبنسبة تصل إلى نحو 95% خاصة من تجاوز منهم عتبة 65 سنة، وأوروبا تحظى بشريحة واسعة من كبار السن، وبعضهم يسكن منفردا دون رعاية هذا من جهة، ومن جهة أخرى يعود سبب كثرة الوفيات هناك إلى عدة عوامل“.

وأوضح أن تلك العوامل تتمثل في:

1- عدم تكيّف أجسام الأوروبيين مع درجات الحرارة العالية.

2- عدم وجود مكيفات أو حتى مراوح في كثير من المنازل الأوروبية خاصة منازل كبار السن.

3- ارتفاع الرطوبة الجوية في الهواء بسبب الغابات، والأنهار، والبحيرات فضلاً عن المدن القريبة من السواحل، أو كونها دولة جزرية كبريطانيا، فإذا ارتفعت درجة الرطوبة في الأجواء متزامنة مع ارتفاع درجة الحرارة يؤدي ذلك إلى أن تضعف أو تتوقف عملية تبريد الجسم الذاتية عبر عملية التعرق؛ بسبب ارتفاع نسبة الرطوبة في الجو، وعندما تتجاوز درجة حرارة الإنسان 37.5 درجة مئوية يصبح التعرق أقل فاعلية، عندها ترتفع درجة حرارة جسم الإنسان، فيشعر بالضيق، والإرهاق، والضغط النفسي“.

4- صفاء سماء أوروبا من الشوائب والعوالق الغبارية التي تحد من قوة الإشعاع الشمسي، كما هي في منطقتنا العربية.

5- سمك الغلاف الجوي في العروض العليا أقل من المناطق المدارية أو الاستوائية، وهذا العامل والذي قبله يعززان الشعور بلسعة الشمس، والإحساس بالحر صيفا.

6- طول فترة النهار مقارنة في مناطقنا العربية، فالنهار في أوروبا في فصل #الصيف أطول من نهار وسط #السعودية ـ على سبيل المثال ـ بنحو 2-3 ساعة تقريبا.

7- صُممت وبُنيت الغرف في أوروبا صغيرة في مساحتها؛ حتى تسهل تدفئتها في #الشتاء القارس البرودة، وهذا يؤدي بالضرورة إلى أن تتعاظم درجة الحرارة المحصورة بالغرفة الصغيرة، مقارنة بحجم غرفة أكبر مساحة وأعلى سقفا، حيث يولّد الإنسان وما حوله من أجهزة حرارة داخل الغرفة، علاوة على حرارة الحوائط والسقف فتجتمع تلك المصادر الحرارية في حيز ضيق، فترتفع الحرارة بسرعة في الغرف الصغيرة أكثر من الغرف الكبيرة“.

8- قد تكون كل أو بعض تلك العوامل سببا للوفيات جراء موجات الحر في أوروبا، من جهة أخرى ووفقا للأبحاث العلمية فإن درجات الحرارة ستشهد في المستقبل المنظور ارتفاعا أكثر على مستوى الكرة الأرضية، جراء انبعاثات غازات الدفيئة (التلوث) والتي تسبب ظاهرة الاحتباس الحراري، ومن ثم التغير المناخي، ومن ثم ستتعاظم موجات الحر شدة وتكرارا“.

وختم المسند تغريداته قائلاً: ”ولئن سألتم أنى لنا هذا؟ قل هو من عند أنفسكم .. هذا والله أعلم“.

يشار إلى أن القارة الأوروبية تواجه منذ أسبوع، موجة حر قاسية أودت بحياة نحو 500 شخص في إسبانيا وأزيد من 1063 في البرتغال.

وأصيب كثيرون في أنحاء العالم بالصدمة وهم يتابعون صور احتراق حافلات وسيارات في شوارع بريطانيا، وهرب سكان بحثا عن ملجأ من درجات الحرارة المرتفعة.

وللمرة الأولى منذ بدء تسجيل درجات الحرارة، سجلت بريطانيا أعلى درجات على الإطلاق الإثنين والثلاثاء الماضيين، بتخطيها الأربعين درجة مئوية.

ونقلت صحيفة ”الغارديان“ البريطانية عن رئيس قسم العلوم والتكنولوجيا في مكتب الأرصاد الجوية البروفيسور ستيفن بيلشر قوله، إن بريطانيا ”يمكن أن تشهد درجات حرارة مماثلة كل ثلاث سنوات إذا ظلت انبعاثات الكربون مرتفعة“.

ووفقا للصحيفة، قد يكون هناك ما يصل إلى 1000 حالة وفاة زائدة في البلاد بسبب موجة الحر.