لسنوات طويلة اعتاد المستخدمون الربط بين اسم "جوجل" وفكرة البحث عن أي معلومة على شبكة الإنترنت، فاستخدام "Google Search" يمثل نقطة البداية للوصول إلى معرفة أفضل المطاعم والمتاجر التي تقدم عروضاً وخصومات، إضافة إلى الخرائط وغيرها، ولكن يبدو أن الحال قد تغيّر الآن.

بارابهاكار راجافان، مدير مؤسسة جوجل للمعرفة والمعلومات، يقول إن 40% من مستخدمي الإنترنت من صغار السن يعتمدون حالياً على خدمتي تيك توك وإنستجرام لأغراض البحث عن المعلومات واستخدام الخرائط، بدلاً من اللجوء إلى خدمات جوجل، وفقاً لما نشره موقع تيك كرانش.

وتزامن عقد مؤتمر "براين ستورم تيك" مع نشر موقع "تيك كرانش" نتائج دراسة جديدة، أجراها بالتعاون مع شركة Qustodio المتخصصة في تطوير برمجيات الرقابة الأبوية، تثبت ارتفاع متوسط الوقت اليومي الذي يقضيه صغار السن، من عمر 4 أعوام حتى 18 عاماً، على تيك توك ليبلغ 82 دقيقة يومياً، مقابل 75 دقيقة على يوتيوب، خلال شهر يوليو الجاري.



وكان متوسط الاستخدام اليومي لتيك توك من جانب الأطفال والمراهقين وصل إلى 91 دقيقة بنهاية 2021، مقابل 56 دقيقة فقط على يوتيوب، على مستوى العالم.

عقليات مختلفة

أوضح "راجافان"، خلال مشاركته في مؤتمر Brainstorm Tech، أن صغار السن والمراهقين يستخدمون الإنترنت بشكل مختلف عن المستخدمين البالغين، فعقلياتهم المختلفة تجعل توقعاتهم يصعب تلبيتها بآليات عمل التطبيقات والخدمات الرقمية بشكلها التقليدي، لذلك فإن فرق جوجل تعمل على التطوير المستمر لخدماتها.

فلم تعد كتابة بعض الكلمات المفتاحية في مربع البحث تمثل التركيز الرئيسي لمستخدمي الإنترنت من صغار السن، وإنما أصبح تركيزهم الأكبر على الوصول لأنواع مختلفة من المحتوى الثري الذي يقدم لهم تجربة غامرة تصب في قلب اهتماماتهم، ليعيشوا تجربة البحث بحيث لا يكونون مجرد باحثين عن معلومة من خلف شاشة هواتفهم الذكية.

وتمكنت جوجل من دراسة عادات وتفضيلات المستخدمين للبحث داخل الولايات المتحدة، في الفئة العمرية بين 18 و24 عاماً، عبر إجراء دراسة لسلوكياتهم وعاداتهم الإلكترونية، ولكنها لم تنشر بعد النتائج الكاملة التي توصلت إليها تلك الدراسات.

وألقى مدير مؤسسة جوجل الضوء على أن اعتياد المستخدمين البالغين على شكل وتصميم الخرائط الورقية التقليدية جعلهم متوافقين مع تصميم خرائط "Maps" التي تعطي شعوراً باستخدام الخرائط الورقية، لكن بصورة رقمية، وهو الأمر الذي لم يتقبله صغار السن ممن لم يعاصروا الخرائط الورقية من الأساس.

تجارب غامرة

عندما يبحث المراهقون عن مقترحات لمطاعم أو أماكن للترفيه والتنزه فإنهم يحتاجون إلى خوض تجربة تتخطى حاجز عرض مجموعة من الروابط لصفحات ويب تقدم مقترحات أو مجرد صفحات إلكترونية تعرض تقييمات نصية لزوار تلك الأماكن، بحيث يشعر المستخدم مباشرة أنه يعيش تجربة البحث عن مكان مثالي يناسب تفضيلاته.

مع تطبيق ما توصلت إليه جوجل في دراساتها الجديدة، سنجد أن تيك توك وإنستجرام بالفعل يقدمان تلك التجربة المفقودة، حيث إن استعراض صنّاع المحتوى لزياراتهم إلى مختلف الأماكن عبر عدسة كاميرات هواتفهم بزاوية الشخص الأول First-Person View، يجعل المستخدم يشعر كأنه بالفعل داخل المكان وهو من يتجول داخله، وليس مجرد متفرج سلبي، وعند تلك النقطة يكون تأثير المحتوى أقوى أضعافاً مضاعفة، مقارنة بالمحتوى المعروض عبر محركات البحث التقليدية.

ويضاف إلى ذلك أيضاً عنصر تنوع أشكال المحتوى من حيث مدتها، فأصبح هناك المقاطع المصورة القصيرة، في صورة "الرييلز والاستوريز" (Reels - Stories)، وكذلك الفيديوهات ذات المدة الطويلة التي تتخطى عدة دقائق.

تحوّل المسار

أرادت جوجل مواكبة هذا التحوّل الكبير في طبيعة المستخدمين، ولتتمكن من ذلك بدأت الشركة الأميركية في تحويل مسار تطوير منتجاتها لزيادة المحتوى البصري المعروض بداخلها، وكذلك تطوير التجارب لتضع المستخدم في قلب تفاصيلها.

منذ عامين بدأت جوجل تطوير طريقة التنقل داخل خرائطها Maps عبر الاعتماد على كاميرا هواتف المستخدمين بتقنيات الواقع المعزز AR، بحيث يمكن للمستخدم الحصول على الاتجاهات في صورة أسهم تظهر طافية على شاشة المستخدم، وكأنها تطفو أمامه في الواقع الحقيقي، وذلك يختلف تماماً عن مجرد تتبع تحركات النقطة الزرقاء على خريطة صماء على شاشة الهاتف.

كذلك طوّرت جوجل تجربة البحث لديها عبر "جوجل سيرش" "Google Search"، وذلك من خلال ميزتين جديدتين، الأولى تتعلق بتسهيل البحث عن أي شيء يريد المستخدم الوصول إليه أو شراءه من المتاجر المحيطة به، وذلك من خلال ميزة MultiSearch.

وتقوم تلك الميزة على خدمة Google Search على الهواتف الذكية، بحيث يتم استخدام طريقة البحث بالصور، فيقوم المستخدم إما برفع صورة موجودة على هاتفه أو تصوير صورة مباشرة للعنصر المطلوب البحث عنه مباشرة من كاميرا هاتفه عبر تطبيق Google App.

وبعد ذلك يضيف كلمة near me إلى عملية البحث، ومن ثم تبدأ جوجل في عمل مسح شامل لملايين الصور عبر شبكة الإنترنت، مع التركيز على المتاجر المحيطة بموقع المستخدم، وذلك من خلال فحص وتحليل ملايين صفحات المتاجر الرسمية المتاحة على خرائط جوجل Maps.

أما الميزة الثانية فهي "استكشاف المشهد Scene Exploration" والتي تقوم على استخدام كاميرا هاتف المستخدم مباشرة من داخل تطبيق Google App، بحيث يتم فحص وتحليل ما يوجد أمامها، لإظهار معلومات متعلقة بما يبحث عنه المستخدم.

وامتد تطور البحث أيضاً إلى سعة صدر جوجل لإظهار فيديوهات من إنستجرام وتيك توك مباشرة على قمة نتائج البحث، وذلك في حال استخدم زوار "جوجل سيرش" عدداً من الكلمات المفتاحية مثل "tiktok" أو "instagram".