إرم نيوز


يعد الرياضي العراقي جاسم قدوري، أحد المبدعين العرب الذين تركوا بلادهم وهاجروا إلى أوروبا، بحثًا عن دول تشجعهم وتدعمهم.

و“قدوري“ حقق عددًا كبيرًا من الإنجازات في رياضة المصارعة من خلال مشاركته في بطولات عربية ودولية، لكن بطل العراق اضطُر إلى الهجرة بعد أن تعرض للتهديد، إضافة إلى مقتل أحد زملائه الرياضيين.

وقال بطل آسيا في المصارعة إن ”الرياضة في العراق تسير نحو الهاوية، وتحكمها ميليشيات وأشخاص منتفعون يسيطرون على كل مفاصل القرار الرياضي، لقد قاموا بالتضييق علينا كرياضيين، حتى دفعونا للهروب بحثًا عن دول وأماكن ترعانا“.


تمرد وقمع

شارك ”جاسم“ في مظاهرات نظمها الرياضيون في العراق للاعتراض على الواقع الرياضي، لكنها قوبلت بعنف وقمع طالا صديقه البطل الرياضي ”علي أكبر“، بحسب ما أوردته قناة ”The black box“ على ”يوتيوب“.

وعن صديقه أضاف: ”حصل البطل علي أكبر على الوسام الذهبي لبطولة غرب آسيا للمصارعة، وعندما عاد كرّمه وزير الرياضة العراقي بالورود فقط، دون تغطية نفقات سفره للمشاركة في البطولة، فما كان منه إلا الخروج معنا في المظاهرات، واستشهد برصاصة قناص في رأسه“.

وبعد مقتل علي أكبر في خريف 2019، تغيرت موازين الرياضيين في العراق، بحسب ”قدوري“ الذي تعرض لسلسلة تهديدات طالته لمشاركته في النشاط السياسي، فقرر الهروب إلى أوروبا عبر بيلاروسيا.

على حلبة غابات الموت

سافر ”جاسم“ إلى تركيا بداية ظنًا منه أنه سيجد بيئة ترعى نشاطه الرياضي، لكنه لمس صعوبة الوضع فعاد إلى العراق وقرر السفر إلى أوروبا عبر مهربي البشر.

وقال: ”سافرت إلى بيلاروسيا بمساعدة بعض الأصدقاء، ومن هناك بدأت رحلتي في الغابات البيلاروسية والبولندية والتي استمرت حوالي 9 أيام“.

وأضاف: ”كانت رحلة شاقة تعرضت فيها لبرد قارس كان كفيلًا بقتلنا أو تجمدنا في الغابات، ونفد منا الطعام أكثر من مرة واضطررنا إلى الأكل من الأشجار على الطريق“.

لم يكن ”جاسم“ يتحدث أية لغة أخرى غير العربية، الأمر الذي زاد من مشقة رحلته، لكنه مضى فيها متجاوزًا كل الصعوبات، والتي كان أبرزها فقدانه هاتفه والخريطة.

وهنا تحدث ”قدوري“: ”بقينا حوالي 3 أيام في الغابة، بعد أن فقدنا هاتفي الذكي المزود بخرائط الـ GBS وسرنا مسافة تجاوزت الـ 70 كيلومترًا دون أية جدوى، كنا نسير دون بوصلة وندور حول أنفسنا في المكان“.

وأردف: ”كنا حوالي 10 أشخاص، بعضهم تملّكه اليأس، والبعض أُغمي عليه من شدة البرد والجوع، أما صديقي رجب فتعرض لنزلة برد شديدة في عمق الغابة، وكاد أن يموت، لكنه نجى بفضل مشيئة الله“.

وبعد تجاوز الحدود البيلاروسية – البولندية، وصل ”البطل“ و5 من أصدقائه فقط عبر سيارة مهرب بشر إلى بولندا وجلسوا هناك لمدة يومين ثم عبروا إلى ألمانيا.

وعن بقية الأصدقاء استكمل حديثه: ”كنت أنا و 5 من المجموعة في الدفعة الأولى التي نقلها المهرب، وعندما عاد لاصطحاب البقية، وجد حرس الحدود البولندي يعتقلهم، وبعد ضبطهم تمت إعادتهم إلى وارسو“.

خيبة أمل جديدة

كانت خطة بطل العراق الاستقرار في بلجيكا، لكن الإجراءات فيها لم ترق له، فقرر الانتقال إلى ألمانيا.

قدم ”قدوري“ اللجوء إلى ألمانيا، لكن طلبه قوبل بالرفض، لأنه تكاسل عن متابعة التمارين والمشاركة في البطولات.

وقال: ”بقيت أنتظر الموافقة على طلب اللجوء دون القيام بأي نشاط، وهذا هو سبب الرفض“، مضيفًا: ”لدي صديق رياضي وصل إلى هنا، ومنذ وصوله بدأ بالتدريب وشارك في بطولتين“، مشيرًا إلى أنه ”تمت الموافقة على طلبه“.

ويستعد بطل آسيا في المصارعة الآن لمعاودة نشاطه الرياضي في ألمانيا، والبدء من جديد بالتدريب الرياضي لاستعادة لياقته، والعودة إلى المشاركة في البطولات العربية والعالمية.

وفي ختام حديثه ناشد جاسم قدوري ”المجتمع الدولي لمنح تسهيلات للرياضيين الهاربين من بلاد الشرق الأوسط، وللعراقيين بشكل عام“.

وأردف: ”استنادًا لما يرد في الإعلام، يعتبرون العراق دولة آمنة، لكن من عاش في العراق يعرف كم الوضع مأساويًا وخطرًا على الحياة والمستقبل، لذلك يرفضون طلب اللجوء للغالبية العظمى من العراقيين، وهذا إجراء تعسفي“.