كشف تقرير إخباري أنّ الولايات المتحدة الأمريكية باتت تواجه كارثة حقيقية، مع اجتياح مادة "الفنتانيل" المخدّرة والفتاكة صفوف الشباب على نحو خاص، وهو عقار أكثر فتكا بخمسين مرة من الهيروين وبمئة مرة من المورفين.

ووفقا للتقرير الذي نشرته صحيفة "لوموند" الفرنسية، فإنّ هذا العقار الاصطناعي غير المكلف، والذي تم تصميمه في الأصل لتخفيف آلام مرضى السرطان، يؤدي إلى وفاة شخص واحد كل سبع دقائق في المتوسط.

واكتشفت شرطة تكساس في مطلع ديسمبر/ كانون الأول الماضي، شحنة مخدرات "فينتانيل" مخبأة على شكل سائل في خزان بنزين سيارة، وقالت إن هذه الكمية ستكون كافية لقتل سكان يبلغ عددهم 5.665 مليون شخص، وفق ما دونته قيادة شرطة تكساس على "توتير".



إدارة بايدن أصدرت إستراتيجيتها لمكافحة المخدرات في ربيع العام 2022، وأوصت بتسهيل وصول المرضى ضحايا استهلاك عقار "الفنتانيل" إلى الرعاية الصحية

وقال التقرير، إنه "على الرغم من هذا النجاح الأمني، تلوح في الأفق كارثة وطنية، ويتعلق الأمر بالأحياء والمناطق الحضرية الأكثر فقرًا وكذلك المناطق النائية من البلاد".

وأكد التقرير، أن الولايات المتحدة تسجل كل سبع دقائق في المتوسط وفاة شخص من آثار مخدر "الفينتانيل" الذي يتوزع على شكل سائل وبودرة وأقراص، مشيرًا إلى أنه منذ صيف العام 2022، حذرت شرطة مكافحة المخدرات من ترويج هذه المادة في نسخ متعددة الألوان لإغواء جمهور أصغر سنًا وأكثر سذاجة، وفي العام الماضي صادرت إدارة مكافحة المخدرات ما يقرب من 379 مليون جرعة من الفنتانيل، وهو أعلى مستوى إطلاقا.

ووفقًا للسلطات الصحية، تم تسجيل 107622 حالة وفاة في العام 2021، بسبب تعاطي المخدرات، منها 66% مرتبطة بالفنتانيل، أما الجهات الضالعة في استيراد هذا المخدر فهي أساسا شبكتين إجراميتين مكسيكيتان متنافستان، وهما "سينالوا كارتل"، و"نكست جينيرايشن جاليسكو كارتل"، بحسب وزارة العدل الأمريكية.

وأوضح التقرير أنه يتم استقدام المكونات الكيميائية من الصين وتصنيعها في مختبرات سرية، بينما يتطلب نقلها إلى الجانب الآخر من الحدود طريقة عمل كلاسيكية، أما بالنسبة للإخفاء فالأمر يتعلق بالجرأة والبراعة، فقد تم العثور على هذه الحبوب على نحو خاص في علب "الليغو" أو جوز الهند، ويختلف سعر البيع اعتمادًا على الموقع ولكنه يتراجع عمومًا بسبب كثرة العرض.

وأشارت "لوموند" إلى أن هذه الرحلة المثيرة كانت محل تتبع رائع من صحيفة "واشنطن بوست" في تحقيق لها نشرته على أجزاء، وسلطت الصحيفة الضوء على ما أسمتها الأخطاء الجسيمة التي ارتكبتها الإدارات المتعاقبة.

وقالت الصحيفة: "فشلت وزارة الأمن الداخلي، التي تتحمل وكالاتها مسؤولية الكشف عن المخدرات غير المشروعة على حدود الدولة، في توسيع نطاق تقنيات الفحص والتفتيش عند المعابر الرسمية، وبدلاً من ذلك أنفقت 11 مليار دولار لبناء جدار حدودي لا يقوم بعمل كبير لوقف المتاجرين بالفنتانيل".

عقار "الفنتانيل" تم تصميمه في الأصل لتخفيف آلام مرضى السرطان، إلا أنه يؤدي إلى وفاة شخص واحد كل سبع دقائق في المتوسط

وأشارت الصحيفة الفرنسية إلى أن القنوات المحافظة مثل "فوكس نيوز"، هي التي جعلت من "الفنتانيل" موضوعًا ساخنًا لأول مرة، وربطته بالحدود المليئة بالثغرات مع المكسيك وبأزمة الهجرة، حيث تم اعتقال 2.4 مليون مهاجر غير شرعي في عام واحد، وفقًا لإحصاءات رسمية نُشرت في نهاية أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.

وتولت قناة "فوكس نيوز" صياغة لائحة اتهام ضد إدارة بايدن بتهمة الإهمال الجنائي.

وأصدرت إدارة بايدن إستراتيجيتها لمكافحة المخدرات في ربيع العام 2022، وبالإضافة إلى الجانب القمعي التقليدي وتعزيز الوسائل الممنوحة لإدارة مكافحة المخدرات وشرطة الحدود، أوصت الوثيقة بتسهيل وصول المرضى ضحايا استهلاك هذه المادة إلى الرعاية.

وأشارت "لوموند" في هذا السياق، إلى أنه وفق إحصائيات سنة 2020، فإنه من بين 41.1 مليون شخص يعانون من ضائقة صحية بسبب تعاطي المخدرات، تلقى 2.7 مليون فقط العلاج في مركز متخصص يوفر دواء يمنع آثار المواد شديدة التخدير مثل الهيروين أو الفنتانيل ويمنع الجرعة الزائدة.

ووفقا لتقرير الصحيفة الفرنسية، يتجه مزيد من الشباب إلى "سناب شات" أو "تيك توك" للبحث عن الحبوب المخدرة من مختلف الأنواع، ويمثل "الفنتانيل" 90% من هذه المواد، ويتواصل هؤلاء الشباب الباحثون عن مسكنات الألم أو مضادات الاكتئاب، مباشرة مع تجار المخدرات عبر الإنترنت، ويتولى هؤلاء التجار إرسال طلباتهم عبر البريد العادي.