أجرت اللقاء - سماح علام

السمنة لا تليق بك.. شعار لفلسفة صحية جميلة تبنته د.كوثر محمد العيد، ناشطة في مجال الصحة العامة والتواصل الاجتماعي، إذ انطلقت في هذه الحملة بعرض تجربتها الذاتية في إنقاص الوزن، فشاركت الجمهور تفاصيل رحلتها في إنقاص وزنها، ما شجع أفراد المجتمع على الحذو حذوها واتباع خطاها.

تقول العيد: "عندما نقرن أي مسج توعوي بقصة حقيقية فإن تأثيرها يكون أوقع في قلوب الناس، وهذا ما حرصت على ترجمته من خلال حملتي، فتجربتي الشخصية في إنقاص الوزن ومكافحة السمنة كانت شاهداً على رسالتي التوعوية للناس".



وتضيف: "جاء الشعار من صورة توعوية استملتها في مسج، بعدها بحثت عن الشعار ووجدته منتشراً في كثير من المجتمعات، بل وجدت مواقع تروج له، من هنا جاءت فكرة تبني هذا الشعار لحملتي.. ركزت خلال الحملة على نشر نمطين صحيين الأول هو النمط الغذائي والثاني هو النمط الرياضي، وكلاهما ساهما في إنقاص وزني وتحسين نمط حياتي".

وعن تفاصيل تجربتها الشخصية تقول: "بلغ معدل كتلة الجسم لدي 32، وهي السمنة في الفئة الأولى، والسبب هو الابتعاد عن أنماط الحياة الصحية، وعليه اتخذت قرار إنقاص الوزن، وقد عملت على إنقاصها إلى 29 خلال شهرين، وذلك عن طريق اتباع برنامج رياضي يومي، وبرنامج غذائي يعتمد على تقليل الكربوهيدرات".

وتزيد قائلة: "اهتم الناس بمتابعة تجربتي على الإنستغرام، فضلاً عن تسليط كل من تلفزيون البحرين وإذاعة البحرين الضوء عليها، مما شجعني أكثر عن مواصلة نشر ثقافة مكافحة السمنة..أصبحت محظوظة بوجود شراكة نوعية من زملائي الأطباء والمهتمين في مجال مكافحة السمنة من أخصائيي تغذية أو مدربين رياضيين".

وتقول "تعاون معي بعض الأطباء والأخصائيين في نشر معلومات صحية متخصصة لكيفية مكافحة السمنة.. هذا وأطمح إلى توفير وجبات صحية وتخفيضات لارتياد النوادي، لكي تنال هذه الحملة المزيد من القبول والانتشار".

بداية جديدة

تربط د.كوثر العيد قرار إنقاص الوزن بالبداية الجديدة، فعادة ما يقترن تقليل الوزن بنجاحات شخصية على عدة أصعدة، وعنه تقول: "إن إنقاص الوزن سبب للسعادة، مصدر رضا، وعند بلوغ الإنسان لهذه المرحلة فإنه يتجدد من الداخل وتتجدد معه طموحاته ونجاحاته".

وتنبه إلى أهمية أن يضع الإنسان نظامه الغذائي الخاص بمساعدة طبيب، فأحياناً تكون الحميات القاسية مضرة بصحة الإنسان، والضرر قد يزيد إذا كان الشخص مصاباً بأمراض مزمنة.

وعن أهمية النشاط البدني تقول كوثر: "بالنسبة للنشاط البدني فإن أقل مدة مطلوبة في نمط الحياة الصحي هو الحركة لمدة نصف ساعة في اليوم لمدة 5 أيام في الأسبوع، مع العلم أن من شروط الرياضة الفاعلة هو أن تكون منتظمة مع إمكانية توزيعها خلال اليوم، لا سيما أن أشكال الرياضة مختلفة ويمكن انتقاء ما يناسب الشخص حسب ما يتوفر لديه".

وتواصل قائلة: "لا بد من تعزيز ثقافة المشي، فمن لا يريد المشي في الهواء الطلق بسبب الحر يمكنه المشي في المجمعات المعززة للصحة، كما يمكن عدم اقتصار الأمر على النوادي الباهظة الرسوم، وممارسة الرياضة في المنزل.. إذا لا يوجد مكان محدد للرياضة فكل إنسان عليه اختيار ما يناسبه والخيارات كثيرة".

وزادت قائلة "يجب التنويه إلى أن المطلوب تحقيق 10 آلاف خطوة من أجل حرق السعرات الزائدة ..هناك حاسبات إما ساعات يتم ارتداؤها أو تطبيقات في الهواتف يمكن أن تساعد على حساب الخطوات شرط التأكد من دقتها، وأهم نصيحة أقدمها لممارسي الرياضة هي التوقف عن الرياضة عند زيادة خفقان القلب، فهذا أمر مهم، كما يفضل دائماً أن تتم عملية إنقاص الوزن بوجود مشرفين كأخصائيي التغذية ومدربي الرياضة".

الرجيم.. حاجة لا ترف

هل الرجيم أصبح ترفاً؟ سؤال أجابت عليه د.كوثر بالقول "نقص الوزن ليس ترفاً أو موضة، بل هو أساس الصحة، خاصة أن السمنة تتصدر المشاكل الصحية في العالم، وهي بوابة للأمراض، كما علينا الحذر من السمنة المركزية التي تتمركز في البطن، فحسب أهداف التنمية المستدامة تأتي الوقاية من الأمراض من الأوليات، ومكافحة السمنة من أساسيات الحياة التي تكفل تحقيق جودة الحياة".

وتنوه إلى أهمية اختيار نوع الرجيم الذي يتناسب مع الإنسان واحتياجاته، وعنه تقول: "لكل جسد أسلوب وطريقة معينة تختلف عن الآخرين، لذا لا توجد قاعدة، ففهم الجسد هو أساس اختيار الأسلوب الصحيح".

وأضافت "أتمنى أن يغير الأفراد طباعهم، وأن يكون الوعي هو المتحكم في السلوك.. والتوجه إلى الرياضة والعمل على إبعاد الأطفال عن الألعاب الثابتة والتقنية، وتشجيعهم على الألعاب التي تعتمد على الحركة، والتوجه إلى الفضاءات المفتوحة بل البيوت والغرف".

وتلفت د.كوثر النظر إلى "أهمية معرفة أن إنقاص الوزن يكون أسهل في سن مبكرة، لذا كلما صغر السن كلما أصبح فقدان الوزن بشكل أسرع، ولكن هذا لا يعني أن إنقاص الوزن متاح في جميع الأوقات، ولكن الكيفية والسرعة تختلف حسب قابلية الأجسام، ويجب معرفة طبيعة مرحلة الثبات في الوزن، والتي يصادفها من خسروا مقداراً من الوزن ومن ثم ثبت وزنهم، ففي هذه المرحلة يجب أن تكسر مرحلة الثبات وهذا الأمر له دراسته وخطواته العلمية الصحية التي يجب أن تتبع".

مكونات صحية في كل مطبخ

الأوراق الخضراء، الجبنة البيضاء، الحلوم، الجرجير والخس والبربير، تعتبر مكونات ذهبية مناسبة لعمل الرجيم، وهو ما ارتكزت عليه د كوثر في تجربتها.

وعن ذلك تقول: "اعتمدت هذه المكونات أساساً لوجباتي الصحية، مع رشة من الخل الأبيض، مع إضافة قطعة من البروتين سواء كان مشوياً ولا مانع من أن يكون مقلياً أحياناً في زيت خفيف، ويمكن وضع البيض في وجبة الإفطار أو العشاء، ولا بد من الإشارة إلى أن الاستمرار هو سر النجاح وجني النتائج.. وأود أن أبين أهمية توقيت الوجبات، فوجبة الإفطار يجب أن تكون قبل التاسعة صباحاً، والغداء قبل 3 عصراً، والعشاء قبل السابعة مساءً، مع الاهتمام بأخذ قسط كافٍ من النوم".

وتعليقاً على من يصنف الطعام الصحي بأنه مكلف تقول د.كوثر: "إن الوجبات الصحية ليست مكلفة إطلاقاً، ويمكن عمل الوجبات الصحية في المنزل بأسعار بسيطة، فالسر في انتقاء المكونات، ومعرفة ما يجب أن أدخله في جسدي وما يجب أن أقلل منه أو أبتعد عنه، ومع الوقت ستصبح المعدة معتادة على استقبال كميات قليلة من الطعام وبالتالي تصل إلى مرحلة الشبع بسرعة، وهذا ما يعتبر نمطاً صحياً في الغذاء".

وعن عمليات قص المعدة التي انتشرت كثيراً بين الناس تقول د.كوثر: "هي علم مستقل، وله وضعياته، وتجرى عند حالات معينة، ولكنني ضد إجرائها كمنقذ بسبب وضع إرادة اتباع حمية أو الصبر على اتباع رياضة يومية، فهذه العمليات تجرى عندما يقرر الطبيب الحاجة إلى إجرائها".

وتختم د.كوثر حديثها بقولها: "أنا في المرحلة الأولى من الحملة، وما أقوم به هو بداية لسلسلة من الخطوات التي سأعلن عنها قريباً كانطلاق للمرحلة الثانية من الحملة، إذ سأعمل على إشراك مجموعة مكونة من 10 أشخاص معي في الحملة، من أجل تقديم نماذج أكثر للمجتمع".

معدلات السمنة في ازدياد

احتلت 9 دول عربية المراتب الأولى في معدلات السمنة بين البالغين الذين تتجاوز أعمارهم الـ18 عاماً، وذلك وفقاً لتقرير صادر عن "منظمة الصحة العالمية "WHO"، وتظهر النتائج إلى أن انتشار السمنة بين البالغين في منطقة الشرق الأوسط قد تضاعف ثلاث مرات تقريباً منذ عام 1975، مما أدى إلى زيادة أعداد مرضى القلب والأوعية الدموية وغيرها من الأمراض.

ووفقاً لدراسة أجريت في عام 2016 من قبل "World Journal of Diabetes"، تحتل منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا المرتبة الثانية من حيث ارتفاع معدلات الإصابة بالسكري في العالم، ومن المتوقع أن يزداد عدد المصابين بمرض السكري بنسبة 96.2% بحلول عام 2035.

وقد يعود السبب في ذلك إلى المخاطر الجينية وتسارع وتيرة الحياة من حيث اعتماد البشر على الوجبات السريعة غير الصحية بالإضافة إلى عدم ممارسة الرياضة.

كما أدى ارتفاع مستويات السمنة إلى نمو سوق الجراحة التجميلية المربح للغاية في دول الخليج، حيث تجري هناك أعلى نسب لعمليات علاج البدانة، والتي تشمل تكميم المعدة وجراحة المجازة المعدية وربط المعدة.

وتصدرت كل من الكويت 37.9%، والأردن 35.5%، والمملكة العربية السعودية 35.4% قائمة البلدان الأعلى في معدلات السمنة بمنطقة الشرق الأوسط. حيث تم استخدام مؤشر كتلة الجسم "BMI" لقياس مستويات السمنة وهو عبارة عن ناتج قسمة الوزن على مربع الطول بالمتر.