إرم نيوز


قُتل مهاجر مصري، إثر صراع بين الأثرياء في إمارة موناكو، قبل سنوات، لكن إعادة المحاكمة مؤخرًا كشفت تفاصيل عن ”الرجل المنسي“ في القضية، والذي هرب من الفقر المدقع في بلاده إلى حتفه.

محمد درويش، ابن محافظة الإسكندرية الواقعة شمال مصر، هو بطل تلك الواقعة التي لم تكن أبدًا ضربًا من الخيال، ولكنها قصة واقعية شهدتها إمارة موناكو، وكشفت تفاصيلها مع إعادة محاكمة المتهم في القضية.

وهاجر ”درويش“ إلى إيطاليا في بادئ الأمر، قبل الانتقال إلى منطقة ”كوت دازور“ الساحلية الفرنسية، حيث أصبح طباخًا قبل أن يبدأ بالعمل في خدمة عائلة باستور، التي تعد من أشهر وأثرى عائلات موناكو.


ولم يستغرق ”درويش“، يتيم الأب منذ صغره، والذي لم يكن يجيد القراءة أو الكتابة، وقتًا طويلًا حتى نجح في الفوز بثقة عائلة باستو، وأصبح الرجل الموثوق لدى إحدى أغنى نساء العالم، وفي قصرهم المشيد أمضى حياته، لكنه رحل ضحية لصراع عائلي داخل القصر الذي كان مسؤولًا عن أمنه وأمانه.

ويوضح المحامي أرتور سوسمان لـ“فرانس برس“ أن ”كل وسائل الإعلام تتحدث عن درويش كما لو أنه سائق، لكنه كان حقًا شخصًا أهلًا للثقة لدى إيلين باستور“، وريثة إمبراطورية عقارية تُقدّر قيمتها بـ 12 مليار يورو“.

وكشفت تفاصيل القضية أن المهاجر المصري كان ضحية جريمة خططها صهر العائلة الثرية، لقتل حماته إيلين باستور.

وكانت إيلين باستور، في زيارة لابنها غيلدو، بعدما أصابته جلطة دماغية، حيث أطلق صهرها النار عليها أثناء خروجها، واخترق الرصاص صدر السائق حينها وهو درويش.

وكان المهاجر المصري، الذي أطلق عليه ”الضحية المنسية“ في جريمة مقتل إيلين باستور، في بداية عقده السادس، حينما قُتل، العام 2014، مع إيلين باستور.

وفي هذه الأثناء، اعتاد ”درويش“ القيام بالعديد من المهام داخل القصر في ظل تسرب نسبة كبيرة من الموظفين، وحافظ باستمرار على مظهر أنيق للغاية مرتديًا بزة رسمية مع ربطة عنق.

ويروي ابنه وسيم أنه ”أمضى حياته كلها في العمل، وليست لديّ سوى القليل من الذكريات معه“، أما ريهام شقيقة وسيم فتقول: ”لقد أخذ إجازة لمدة أسبوع لمناسبة بلوغي عامي العشرين“.

وخلال المحاكمة، تحدث ولدا الضحية بتحفظ عن يوميات هذا الموظف المخلص لدى الأسرة الثرية، فهو كان يفتح منزل ”السيدة إيلين“ ثم كان يغلقه بالمفتاح عندما يغادر في المساء.

وقال وسيم: ”كنت أساعده على تعلم الوصفات غيبًا عبر يوتيوب“، ويعمل نجل محمد درويش أيضًا لحساب أسرة باستور كناطور في أحد مباني العائلة في موناكو، ومنذ المأساة، بقيت العلاقة بينهما ”علاقة موظف برب عمله“.

كذلك قال غيلدو نجل إيلين باستور أمام المحكمة، الجمعة، إن درويش كان ”حرفيًا للغاية“، وكان ”التوافق كبيرًا“ بينه وبين الأسرة كما كان وجوده مطمئنًا إلى جانب هذه المرأة التي كانت تشعر بالتهديد من صهرها، وفق غيلدو.

وبحسب مخطط الجريمة، كان ”فويتشيتش يانوفسكي“ زوج سيلفيا ابنة إيلين باستور، يخطط لقتل حماته وتصوير الجريمة على أنها جريمة سرقة وليست قتل.

ومن أجل هذا دبر عملية سرقة حقيبتها وقتل سائقها، مقابل 20 ألف يورو للقائم بمهمة سرقة الحقيبة و20 ألفًا أخرى مقابل قتل السائق المصري محمد درويش، وذلك بحسبما ورد في أقوال أحد المتهمين بالقضية.

ويقول المحامي سوسمان: ”مكانة محمد درويش تسمح بفهم حجم المخطط الإجرامي، كان وجوده بلا قيمة بل بقيمة حقيبة اليد، وتم تحويله إلى مجرد شيء، وهذا ما يفسر الحكم بالسجن مدى الحياة في الدرجة الأولى“.

وعلم ”وسيم“ نجل محمد درويش بإطلاق النار على والده عبر ”فيسبوك“، في حين علمت سيلفيا ابنة إيلين باستور بالخبر من وزارة الداخلية في موناكو.

يشار إلى أن المحاكمة الجديدة تتواصل هذه الأيام وحتى منتصف تشرين الثاني/نوفمبر المقبل، في مدينة ”إيكس أن بروفانس“، والتي يُحاكم فيها ”فويتشيتش يانوفسكي“ صهر المليارديرة إيلين باستور، والمشتبه بكونه الرأس المدبرة لجريمة القتل.

وفي المحاكمة الأولى التي أجريت، العام 2018، قال محامو يانوفسكي حينها، ومنهم إريك دوبون موريتي الذي يشغل حاليًا منصب وزير العدل، إن موكلهم الذي غير إفادته مرات عدة، مسؤول عن تدبير جريمة قتل إيلين باستور، وفي ذلك تبرئة للمهاجر المصري محمد درويش.

ورغم هذه الإستراتيجية الدفاعية، حُكم عليه بالسجن مدى الحياة، شأنه في ذلك شأن شريكيه اللذين توليا التربص للضحيتين وقتلهما، واللذين تعاد محاكمتهما إلى جانبه.