يطرح المسلسل الدنماركي ”رجل الكستناء / The Chestnut Man“ الذي بدأت منصة نتفليكس بعرض موسمه الأول أواخر سبتمبر / أيلول 2021، سلسلة جرائم نفسية سوداوية، ليكون أحد أكثر المسلسلات غموضا في العام الحالي.

والعمل مقتبس من رواية تحمل العنوان ذاته للكاتب سورين سيفستروب، وحققت نجاحا لافتا، إذ تُرجِمت إلى 28 لغة، ونُشِرت في 50 دولة.

خفايا جريمة



تبدأ أحداث المسلسل في أجواء خريفية وإضاءة باهتة، إذ تعثر قوات الأمن على جثة فتاة يبين تحليل الطب الشرعي أنها لقيت مصرعها بطريقة مروعة، من قِبل قاتل متوحش أقدم على بتر معصمها.

وأثناء التفتيش في موقع الجريمة يعثر فريق الكشف الجنائي على دمية صغيرة من الكستناء معلقة فوق جثتها، ليعتمدها المحققون كدليل جنائي قد يساعدهم على الإمساك بالجاني.

ويكشف المخرج عن خفايا حدثت في أحد المزارع الدنماركية، إذ تعرضت إحدى العائلات لجريمة وحشية ذهب ضحيتها الأب والأم والأطفال، ولقي المحقق المكلف بمتابعة القضية مصرعه، دون الوصول إلى القاتل، ما دفع زملاءه إلى تقييدها ضد مجهول.

وبعد مرور 35 عاما بدأت سلسلة جرائم غريبة جدا مع ترك القاتل لدمية رجل الكستناء في جميع مواقع الجريمة؛ وهي دمية مرتبطة بالتراث الشعبي الدنماركي.

تحقيق

وتتصاعد الأحداث بعد فحص الأدلة واكتشاف بصمات على دمية الكستناء، تعود لفتاة مفقودة منذ عامين تدعى كريستين، وهي ابنة شخصية سياسية مرموقة.

وينقلنا المخرج إلى المحققة تولين التي تصل إلى مرحلة من اليأس لتعلن انسحابها من القسم الجنائي وانتقالها إلى القسم الإلكتروني، رغبة منها في تحقيق توازن بين عائلتها ووظيفتها الصعبة.

ويرفض مديرها المباشر الانصياع لرغبتها ويستهزئ بقرارها مؤكدا على أنها تتمتع بالحس الجنائي العالي والذكاء المطلوب لحل أعقد القضايا.

وتتولى تولين مع زميلها هيس مهمة التحقيق في جرائم رجل الكستناء الوحشية الغامضة التي تنطوي على أسرار كثيرة، ليتعاونا على فك شيفراتها والربط بين حلقاتها الغامضة.

وتبدأ رحلة مطاردة القاتل المتسلسل، ليتضح أن العمليات الإجرامية مرتبطة بفقدان كريستين، واحتمال تعرضها للقتل.

ويعثر المحققان على دليل آخر يكمن في رسالة نصية متعلقة بالقاتل، ويتوصلا إلى احتمال وجود ضحية جديدة، ويضعا خطة مُحكمة لاستدراج القاتل وكشفه قبل وقوع جريمة أُخرى.

نقاط قوة

ومن أبرز نقاط قوة العمل، الدرجة العالية من الغموض، الذي أوجد حالة مريبة من التوتر، وسط حوارات متقنة جاءت مناسبة جدا للحبكة الرئيسة.

ويكشف تسلسل الأحداث عن بعض الأدلة المتعلقة بالقضية مع ترك مساحة وفيرة لعقل المشاهد ليسرح بخياله ويفكر محاولا الوصول إلى استنتاجات منطقية، دون لجوء المخرج إلى التلقين المباشر.

وحافظ المخرج على عنصر المفاجأة مانحا المُشاهد مساحة حرة للتحليل، في تكثيف متقن دون الحاجة إلى الحشو والإطالة.

وعلى الرغم من غموض الشخصيات وعدم تقبل المشاهد لها، تنقلب المفاهيم بعد الحلقة الأولى لتتغير الرؤى وتتسع النظرة المحدودة، ويتضاعف التشويق، وسط تسلسل منطقي لتطور الشخصيات.

ونجحت الموسيقى التصويرية في خلق بعد آخر من وحي الأجواء الغامضة، لتتناسب مع فكرة العمل وطريقة السرد.

واستعان المخرج بوضوح بالإطارات التصويرية الضيقة، لرصد انفعالات الممثلين، ومنحهم مساحة جيدة للتعبير الحقيقي والإبداع في ردود الأفعال.

آراء ونقاد

ونقل موقع ”نويس سين تودو لوكوي ريلوز“ الإسباني، عن الكاتب ديفيد بيريز أن ”الماضي دائما يرسم حاضرنا، والحادثة التي وقعت في ثمانينيات القرن الماضي تمثل حاضر مسلسلنا الحالي“.

وقال بيريز إن ”المخرج حافظ على إبقاء المُشاهد في حالة تأهب دائم، ونلاحظ أن أكثر الحقائق تعقيدا والأسرار المخبأة لن تتوضح إلا مع النهاية“.

وقالت الكاتبة أرشي سينغوبتا إن ”العمل نجح في صناعة ألغاز محيرة منذ الحلقة الأولى، وحافظ على عنصر ثباتها في جميع الحلقات، لتظل دوامة التفكير والتحليل موجودة، كوسيلة لإبقاء المُشاهد على تواصل مستمر مع العمل لفهم الأحداث وتحليل المواقف“؛ وفقا لموقع لويزر بيت.

وحظي العمل باستحسان شريحة من المتابعين، وعبر بعضهم عن رأيه في مواقع التواصل الاجتماعي؛ وقال المتابع المصري خالد عصام، في فيسبوك، إن ”المسلسل يتميز بارتفاع مستوى الغموض والتشويق وفك الشيفرات، بإيقاع مدروس وحبكة متقنة، ونجح في شد انتباه المُشاهد حتى النهاية“.

وأشار المتابع عبدالرحيم الهاني إلى أن ”المسلسل عبارة عن بناء درامي متماسك وقوي والحبكة ملتوية بين زمني الماضي والحاضر، ومليئة بالتشويق والغموض، لتكون النهاية غير متوقعة وتحمل في طياتها كثيرا من الإبداع“.

والعمل من إخراج مايكل سيروب، وكاسبر بارفويد، وسيناريو دورتي وارنو هوج، وديفيد ساندروتر، وشارك في بطولته دانيكا كورسيك، ومايكل بو فولسجارد.