العربية

توصل فريق من العلماء إلى أن الاستخدام المبكر لبلازما النقاهة أدى إلى خفض عدد الحالات المصابة بكوفيد-19 التي تضطر لدخول المستشفى لتلقي العلاج، مما زاد الآمال في علاج متغير أوميكرون، وفقا لما ورد في تقرير نشرته صحيفة "واشنطن بوست" Washington Post.

وجاء في بيان صادر عن فريق علماء من كلية "جونز هوبكنز بلومبرغ للصحة العامة" وكلية الطب بجامعة "جونز هوبكنز" أن بلازما النقاهة يمكن أن تكون أداة أخرى للمساعدة في منع عدوى فيروس سارس-كوف-2 الناجمة عن متغير أوميكرون من أن تتفاقم إذا حصل عليها المريض خلال فترة وجيزة من ظهور الأعراض.

وأضاف البيان أنه يمكن أن يمثل هذا العلاج، الذي يحتوي على الكثير من الأجسام المضادة المقاومة للأمراض، إضافة كبيرة كسلاح في يد الأطباء لمحاربة المتغير السائد الآن والذي يمكنه مقاومة العديد من العلاجات. إن بلازما النقاهة، التي يتم استخلاصها من دم تبرع به أشخاص متعافين من مرض كوفيد-19، سيتم قريبًا التصريح باستخدامها كعلاج إلى جانب الجسم المضاد أحادي النسيلة سوتروفيماب والأدوية المضادة للفيروسات.

ونشر فريق العلماء نتائج تُظهر أن إعطاء البلازما في وقت مبكر من الإصابة بالمرض قلل أعداد من اضطروا لتلقي العلاج في المستشفى بمقدار النصف في تجربة سريرية امتدت من يونيو 2020 إلى أكتوبر 2021. وتدعم النتائج، المنشورة على موقع MedRxiv، الذي ينشر الأبحاث العلمية في مرحلة ما قبل الطباعة، الاستخدام المبكر لبلازما النقاهة الغنية بالأجسام المضادة للحيلولة دون دخول المرضى إلى المستشفى لتلقي العلاج قبل أن تتفاقم حالاتهم الصحية وتصبح حرجة.

فعالية وتكلفة منخفضة

وكتب بروفيسور كيلي غيبو، باحث مشارك في الدراسة وأستاذ من كلية الطب في جامعة "جونز هوبكنز" في بيان: "تشير النتائج التي توصلنا إليها إلى أن هذا علاج فعال آخر لعلاج كوفيد-19 مع مزايا التكلفة المنخفضة والتوافر الواسع والمرونة السريعة لمجابهة انتشار فيروس سارس-كوف-2 المتطور".

وقال بروفيسور دانيال هانلي، أستاذ علم الأعصاب في كلية "جونز هوبكنز" للطب، قال في إفادة صحافية أمس الثلاثاء إن التجربة السريرية استخدمت البلازما، التي تم جمعها قبل أن تكون اللقاحات متاحة على نطاق واسع. واختتمت التجارب السريرية قبل أن تظهر حالات إصابة بمتغير أوميكرون في الولايات المتحدة، لكن الباحثين يقولون إن النتائج تعطي أملا في علاج كوفيد-19 بفعل المتحور الجديد عالي القابلية للانتشار ونقل العدوى.

تعافٍ وتطعيم

فيما أشار ديفيد سوليفان، باحث رئيسي مشارك في الدراسة، أستاذ علم الأحياء الدقيقة الجزيئي وعلم المناعة في كلية "جونز هوبكنز للصحة العامة"، إلى أن دراسات أخرى أظهرت أن البلازما المأخوذة من الأشخاص الذين تم تطعيمهم وتعافوا من مرض كوفيد-19 تحتوي على كميات أكبر بكثير من الأجسام المضادة، مما يزيد من احتمالية تعزيز الاستجابة المناعية ضد متغير أوميكرون.

البلازما الملقحة وسرعة توفير العلاج

ومع استخدام اللقاحات على نطاق واسع، قال العلماء إنه يجب أن يكون من الأسهل جمع مثل هذه البلازما الوفيرة بالأجسام المضادة.

وأعرب بروفيسور سوليفان عن اعتقاده بأن "البلازما الملقحة هي وسيلة للمضي قدمًا ستمنع دخول المستشفى بسبب ارتفاع مستويات العيار الحجمي" (الذي يوافق أعلى معامل تخفيف وما زال يعطي قراءات إيجابية).

وأوضح الباحثون أن البنية التحتية لإنتاج بلازما النقاهة من الدم المتبرع به من قبل أشخاص لديهم مستويات عالية من الأجسام المضادة موجودة على نطاق واسع في جميع أنحاء الولايات المتحدة وعلى الصعيد الدولي، ومن ثم يمكن توفير العلاج بسرعة نسبيًا.

ومن جانبه قال بروفيسور آرون توبيان، مدير قسم طب نقل الدم في كلية الطب بجامعة "جونز هوبكنز"، إنه يتم استخدام "عمليات نقل الدم يوميًا في المستشفى، وهي أحد أكثر الإجراءات شيوعًا وأمانًا التي يتم إجراؤها في الطب"، مشيرًا إلى أنه يوجد حاليًا "بيانات تظهر أن عمليات نقل الدم لبلازما النقاهة تقلل من الحاجة إلى دخول المستشفى لتلقي العلاج".

جدل حول جدوى البلازما

وثار جدل حول مدى جدوى بلازما النقاهة كعلاج في كثير من حالات الإصابة بفيروس كورونا، ففي أوائل العام الماضي، ارتفع الطلب على العلاج بشكل كبير، حيث كان الأطباء يائسين من مساعدة المرضى ورأوا أنه ربما يكون العلاج بالبلازما أحد الإجراءات القليلة التي يمكن أن تكون مفيدة.

لكن جاءت نتائج بعض الدراسات مخيبة للآمال علاوة على ظهور بعض الأصوات المعارضة التي رأت أن الاتجاه إلى استخدام بلازما النقاهة يمكن أن يوقف الحماس للعلاج. وفي فبراير، قلصت إدارة الغذاء والدواء الأميركية FDA استخدام البلازما إلى النسخة الغنية بالأجسام المضادة، مؤكدة على أنه يجب استخدامها مبكرًا في علاج المرضى في المستشفى.

النوع الصحيح من البلازما

وأثار العديد من التجارب السريرية تساؤلات حول مدى نجاعة أو نجاح العلاج ببلازما النقاهة، مما دفع منظمة الصحة العالمية هذا الشهر إلى التوصية بعدم إعطاء العلاج لمرضى كوفيد-19.

ولكن يبدو أن البيانات الحديثة تشير إلى أن إعطاء النوع الصحيح من البلازما في الوقت المناسب يمكن أن يكون مفيدًا ضد متحور أوميكرون، في الوقت الذي يبدو فيه أن معظم إصدارات العلاج الآخر المعروف باسم "الأجسام المضادة وحيدة النسيلة"، والذي تم تصميمه للوقاية من الإصابة بحالة حرجة من مرض كوفيد-19 وبما يسمح بقدرة المصابين بالعدوى على تلقي العلاج في منازلهم، لم تحقق نجاحًا ضد المتغير واسع الانتشار وسريع القابلية للإصابة بالعدوى.

خط دفاع رئيسي

وقال رئيس قسم علم الأحياء الدقيقة والمناعة والأمراض المعدية في كلية هوبكنز للصحة العامة بروفيسور أرتورو كاساديفال، باحث مشارك في الرسالة الموجهة إلى إدارة الغذاء والدواء وفي الدراسة، التي نُشرت نتائجها أمس الثلاثاء، في مقابلة: "إن الهدف الرئيسي هو القضاء على متحور أوميكرون"، مشيرًا إلى أن العلاج ببلازما النقاهة ستعد "خط دفاع رئيسي" ضد المتغير الجديد، مشيرًا إلى أن العديد من المستشفيات أنشأت عيادات لإعطاء الأجسام المضادة وحيدة النسيلة وبالتالي فإنه يمكن استخدام هذه المرافق للعلاج ببلازما النقاهة.

يؤكد باحثو دراسة "جونز هوبكنز" أن النتائج التي توصلوا إليها تشير إلى أن بلازما النقاهة يمكن أن تكون مفيدة بشكل خاص عندما يكون هناك نقص في العلاجات الأخرى، حيث ذكر بروفيسور سوليفان في بيان: إن بلازما النقاهة الغنية بالأجسام المضادة يجب أن تكون جزءًا من ترسانة العيادات الخارجية، مشيرًا إلى أنه، "نظرًا لأن المشهد متغير ولا يمكن التنبؤ به في كثير من الأحيان لوباء كوفيد-19، فإن الأمر يتطلب خيارات علاجية متعددة، خاصة في الدول منخفضة ومتوسطة الدخل حيث يمكن ألا تتوافر علاجات الخطوط الأمامية، مثل اللقاحات والأجسام المضادة وحيدة النسيلة، بسهولة".ويمكن أن يلعب العلاج أيضًا دورًا رئيسيًا على المستوى الدولي، إذا أعادت منظمة الصحة العالمية النظر في موقفها من استخدام البلازما لعلاج مرضى كوفيد-19 الذين لم يصابوا بعد بمرض خطير من الفيروس، حيث قال بروفيسور ألفريد سومر، عالم الأوبئة والعميد السابق لكلية "جونز هوبكنز للصحة العامة" إنها تعد فرصة رائعة لدول العالم النامي، لأنه في الدول منخفضة الدخل، يمكن أن يكون العلاج ببلازما النقاهة أكثر خيارات العلاج المتاحة على نطاق واسع لأنها غير مكلفة نسبيًا ولأن البنية التحتية لإنتاجها وتوزيعها على المرضى متوافرة بالفعل.