إرم نيوز


معظمهم يرفضون نعتهم بـ ”العالقين“، ويعلنون انتماءهم للمجتمع الأوكراني بالقول: ”حتى لو كنا أقلية عددية، لكن ما سيصيب الشعب الأوكراني سيصيبنا“.

هم عرب أوكرانيا الذين اختاروا البقاء، وأداروا ظهورهم إلى من هرع باتجاه الحدود البولندية والهنغارية هربًا من الحرب التي شنتها روسيا على جارتها كييف.

وبعيدًا عمن اختار البقاء لعدم وجود أي وجهة أو مكان أفضل من البقاء في أوكرانيا، تبرر للبعض الآخر هذه النزعة المشحونة عاطفيًا تجاه البقاء في بلده الثاني أوكرانيا، لأن قسمًا كبيرًا من العائلات العربية في كييف ومحيطها هي مختلطة، مكونة من أب عربي وأم أوكرانية، على اعتبار أنها زيجات تتم بين طلاب عرب وطالبات أوكرانيات في الجامعة، لذلك اختار هؤلاء البقاء والتشبث ببلاد حرب منكوبة، على عكس ما فعلوا حيال بلادهم الأم عندما اشتعلت نيران الحرب فيها.


لن نرحل..!

مصطفى داري (42 عامًا) طبيب أسنان سوري مقيم في أوكرانيا منذ 24 عامًا يقول لـ“إرم نيوز“: ”بداية الحرب عشنا في حالة من الهلع والخوف، والناس كلها فرت باتجاه القرى، وأنا سافرت وعائلتي إلى قرى أوديسا، وعدت منذ أيام“.

أوديسا هادئة نوعًا ما، والوضع فيها شبه طبيعي، الأمر الذي ساعد ”مصطفى“ على البقاء، فضلًا عن ولائه لهذه الأرض، ويضيف: ”في بلادنا العربية، لم نرَ سوى القمع والفقر والظلم، لذلك لم أشعر برغبة في البقاء في سوريا وخوض معترك الحرب هناك، أما هذه البلاد فقد أعطت فرص عمل وامتيازات للجميع، والجاليات الأجنبية حققت فيها إنجازات غير مسبوقة، لذلك أصبحنا نشعر بأنها بلادنا، وواجب علينا البقاء فيها، وعدم تركها في هذا الظرف الصعب“.

ويعيش ”مصطفى“ وأبناء مدينته أوديسا حياة هادئة نسبيًا، يذهبون إلى أعمالهم ويمارسون حياتهم بشكل طبيعي، إلى حين حلول الساعة السادسة، حيث يبدأ حظر التجوال، فيما يبدأ الحظر في مدن أخرى مثل دنيبرو في الساعة الثامنة، وهي ثالث أكبر مدن أوكرانيا وأجملها، وتعيش حركة طبيعية رغم تسجيل أطرافها سقوط عدد من الصواريخ الروسية.

إلى كييف وخاركيف اللتين تقبعان تحت القصف، وتعيشان حركة محدودة في معظم المناطق إلى حين بدء حظر التجوال في تمام الخامسة مساءً، أما ماريوبل وسومي فتشير المصادر إلى أنهما الأسوأ بسبب القصف العشوائي الذي يطال حتى الممرات الخضراء التي حددها الروس لمرور المدنيين عبرها.

المجد لأوكرانيا

أحمد محمد الجبوري ( 31 عامًا) طبيب عراقي بقي في خاركيف رغم خسارته عمله وشركته العقارية نتيجة الضربات الروسية، يقول لـ“إرم نيوز“: ”نرفض الرحيل وترك عائلاتنا داخل أوكرانيا، إضافة لإصدار قرار حكومي يمنع من يحمل الجنسية الأوكرانية وعمره بين الـ 18-60 عامًا من السفر“.

يتحدث الجبوري عن سبب هجره العراق وتشبثه في أوكرانيا: ”هنا يوجد جيش وحكومه يدافعان عن الأرض والشعب، أما في بلادي، فأعيش أنا و40 مليونًا تحت الاضطهاد من قبل الحكومة واللصوص الذين يحكمون البلاد“.

ويختم أحمد حديثه بعبارة “ слава Украины“ وتعني ”المجد لأوكرانيا“، مبديًا تفاؤله بمستقبل البلاد بأنها ستعود أجمل مما كانت عليه.

ويعيش في أوكرانيا عشرات الآلاف من أبناء الجالية العربية، ويواجه العديد منهم خطر البقاء في مناطق خطرة معرضة للدمار، إما لأنهم غير قادرين على النزوح باتجاه المدن والمناطق الآمنة، وإما لانعدام الأفق أمامهم نحو أي وجهة أخرى، فاختاروا البقاء قابعين في الملاجئ، ومحطات مترو الأنفاق، وبعضهم ربما أصبح على خطوط الجبهات الأولى يساند القوات الأوكرانية في حربها، فبحسب إعلان أوكراني سابق تم تشكيل كتائب من متطوعين أجانب لمساندة الجيش الأوكراني تلاه بيان من وزارة الدفاع الروسية جاء فيها أن 180 أجنبيًا قضوا بقصف مركز تدريب تابع للجيش الأوكراني غرب البلاد.