ما أكثر هموم الشباب وقضاياهم، ولكن يأتي هم الحصول على عمل على رأس قائمة تلك الهموم. وقد يكون هذا العمل الذي يكسب الشاب الرزق من خلاله عبارة عن وظيفة، أو العمل الحر كالتجارة أو الاستثمار في العقارات، أو العمل الحرفي مثل: صيد السمك أو العمل كسائق سيارة التاكسي، أو خياطة الملابس، أو النجارة وغيرها من الحرف. ويعتبر العمل الحرفي من وسائل رفع دخل الشباب السهلة، فالشاب يستغل مهاراته لإنتاج منتج معيّن ثم يقوم ببيعة وتسويقه، وقد يكون العمل الحرفي مصدر دخله الوحيد، وقد يكون أحد مصادر الدخل المساندة لراتبه الأساسي. ويتعذّر على الشباب كسب الرزق من خلال العمل الحرفي إلا بتوفير دعم لهم، وذلك من خلال توفير كلفة أدوات الحرفة كسفن الصيد وأدواته، وآلات النجارة أو مكائن الخياطة أو سيارة الأجرة، أو توفير كلفة التدريب المناسب ليتمكنوا من مزاولة الحرفة وصناعة منتجات ذات جودة تسمح بتسويقها.

وهنا يبرز دور الوقف الخيري ليحقق هدفاً مهماً من أهدافه وهو فتح باب الرزق للناس وسد احتياجاتهم الأساسية من أكل وشرب وملبس ومسكن، وكفايتهم من مذلة ومرارة السؤال. ولا يعني ذلك تقديم العون مباشرة بتوفير الطعام والشراب والملبس بشكل مباشر، بل من الأفضل توفير مصدر للرزق، فيتكفل الوقف الخيري بتوفير أدوات الحرفة بدلاً من توفير المواد الاستهلاكية للفرد، كأن يوفر سفينة الصيد أو آلة الخياطة أو آلة النجارة وغيرها، أو توفير المواد الخام التي يعمل بها أصحاب الحرفة كتوفير الخشب أو الأقمشة أو قيمة بترول السيارة. فدعم المحتاجين ومساندتهم للحصول على مصدر للرزق لينتقلوا من العوز إلى الكفاية خير من توفير الاحتياجات بشكل مستمر وتظل يدهم هي اليد السفلى ولا ترتفع لتكون هي اليد العليا. وقد فضل الرسول صلى الله عليه وسلم اليد العليا المعطاءة على اليد السفلى المحتاجة، فقد قال صلى الله عليه وسلم: «اليد العليا خير من اليد السفلى». فكم نتمنى من القائمين على الأوقاف الخيرية، والراغبين في وقف أموالهم، توظيف ريع استثمار الوقف الخيري لدعم مصادر كسب الرزق وتشجيع الشباب على العمل الحر.. ودمتم أبناء قومي سالمين.