ليست أوكرانيا مَن يحارب روسيا، بل أمريكا بالدرجة الأولى ودول الناتو بالدرجة الثانية، هم مَن يحاربون الروس على الأراضي الأوكرانية، والضحية هم الشعب الأوكراني المتفق عليه مع الأسف بين الحلف الذي شكله الممثل الكوميدي زيلينسكي الذي أصبح رئيساً لها مع الإدارة الأمريكية، هل تصدق ذلك؟ والذي كلما ضعف وقارب على الاستسلام أعلنت أمريكا أنها سترسل مزيداً من السلاح له ومزيداً من الدعم المالي له، وضغطت على الأوروبيين لفرض المزيد من العقوبات على روسيا، وفي اعتقادي أنه إن فكر في الاستسلام سيُغتل، فمازال الوقت مبكراً على إنهاء هذه الحرب الاستنزافية للروس.

الأوروبيون غير مقتنعين بهذه الحرب ويرون الاندفاع الأمريكي لتوريطهم، والعقوبات تطالهم مثلما تطال الروس، إنما هم عاجزون عن الانفصال عنها إلا بالقدر اليسير الذي يحميهم من هذا الاندفاع، فرفضت الدول الأوروبية وصف السلوك العسكري الروسي في أوكرانيا «بالإبادة الجماعية» كما ترغب أمريكا، فهم يرون آخر المطاف في هذه الحرب الكلامية، يرون حرباً تُغرق أوروبا تتدخل فيها أمريكا إملائياً فقط لتضعف الاثنين أوروبا وروسيا ولتتمكن من المزيد من الهيمنة، وها هي بعض الدول الأوروبية وافقت على شراء الطاقة بالروبل كما صرحت بذلك روسيا.

الأوروبيون بطيئون في تسليحهم للأوكران ومازال الدعم دون المستوى الذي يطالب به الرئيس الأوكراني «البطل» في الإعلام الأمريكي، لذلك يهدد ويتوعد الأوروبيين «المتخاذلين» عن دعمه.

سعر البترول لا ينزل عن المائة دولار والإعلام الأمريكي صوّر الأمر أنه مؤامرة روسية وتخاذل سعودي، والحقيقة أن شركات البترول الأمريكية هي الرابح كما هي دول أوبك بلاس سواء ببيع البترول الغالي على المستهلك الأمريكي أو بالضرائب التي تفرضها تلك الشركات عليه، لذلك وجه 20 نائباً أمريكياً سؤالاً لوزير الخارجية بلينكن ماذا فعلت للسعودية كي تجبرها على مساعدتنا في خفض أسعار البترول؟

الأمريكان يحركون الأسطول الخامس إلى البحر الأحمر وبمساعدة 34 دولة لمواجهة البلطجة الإيرانية التي تهدد الأمن في المياه الإقليمية قرب باب المندب ومنع تهريب السلاح، هذا ما أعلنه البنتاغون، ولذلك أرعد وأزبد خامنئي وقآني رئيس الحرس الثوري الإيراني، ولكن في نفس الوقت تم الإفراج عن 7 مليارات دولار لإيران، وأعلنت إيران أنها لن تنتظر انتهاء المفاوضات على الاتفاق النووي، بل ستوجه تلك الأموال لمساعدة الجيوش «المسلمة» كما سمتها لمحاربة الكيان الصهيوني كما تدعي، وتقصد بذلك الميليشيات الإيرانية كحزب الله والحوثي والحشد وهي كلها ميليشيات تحارب الشعوب العربية ولا تطلق رصاصة واحدة ضد إسرائيل.

نأتي لسلوك أمريكا في تايوان، صعدت أمريكا هذه الجبهة في هذا الوقت الذي تشتعل فيه الجبهة الروسية في أوروبا متحدية الصين، فأعلنت عن زيارة لرئيسة الكونغرس الأمريكي لتايوان وحين هددتها الصين، أعلنت بيلوسي رئيس الكونغرس أنها أصيبت بكورونا فألغت الزيارة!!

إنما أرسل الأمريكان نواباً من الكونغرس وأرسلوا صواريخ باتريوت فردت الصين بمناورات على حدود تايوان واستخدمت فيها أحدث الأسلحة! فارتفع سعر الدولار إلى ما يقارب 112 دولاراً.

الأمريكان الذين يحاربون الروس في أوروبا يعتمدون عليها في مساعدتهم في المفاوضات الإيرانية الأمريكية على إنهاء الاتفاق النووي بالتوسط لدى إيران، هل تصدق ذلك؟ وروسيا تغض الطرف عن الطيران الإسرائيلي من جهة أخرى وتغلق راداراتها عنه وهو يقصف أهدافاً للقوات الإيرانية في سوريا، هل تصدق ذلك؟

الحوثي صمد حتى اليوم ليس لأن إيران تهرّب له السلاح فقط وأنه يخوض حرباً بالوكالة نيابة عنها ضد السعودية، بل صمد لأن هناك دعماً أمريكياً برفعه من قائمة الإرهاب وبالتفاوض معه، وبغض الطرف عن السلاح المُهرّب له، وكبادرة حسن نية تجاه السعودية من أجل التعاون على خفض أسعار النفط حركت أمريكا أسطولها الخامس إلى البحر الأحمر.

عالم مجنون، وأمريكا تدفع الدول الصغيرة كي تخوض حروباً بالوكالة نيابة عنها فتكسب مجموعات تصنيع السلاح وتتم أكبر الصفقات وتضعف أوروبا وتتبع أمريكا أكثر وتنشغل روسيا وتُستنزف وتنشغل الصين في الشرق، ومن الرابح؟ مجموعات الضغط المسيطرون على أصحاب عقيدة يسارية متطرفة.

أما آخر النكت الأمريكية في ملف حقوق الإنسان العصا الأمريكية، إذ فجأة اكتشفت أمريكا أن ملف حقوق الإنسان في الهند لابد أن يفتح، بعد فشلهم في الضغط على الهند لتتوقف عن شراء النفط الروسي.

وفجأة اكتشفوا أن القائد الجديد للجيش الروسي في أوكرانيا قد ارتكب جرائم حرب في سوريا لسنوات مضت، لماذا إذاً سكتوا طوال هذه المدة عن الاثنين الهند وروسيا؟ سكتوا لأن المصالح كانت تقتضي السكوت!