عندما نتتبع الممارسات الشائعة في التعامل مع الأوقاف الخيرية نجد أن الوقف غير المباشر بات هو الشائع في هذا الزمان فهو يعتبر منظومة من منظومات الوقف الخيري، ويقصد بالوقف غير المباشر، هو أن يؤجر العقار الموقوف، أو يستثمر بأية طريقة من طرق الاستثمار، ليعود بالربح والإيرادات لصالح الموقوف عليهم فيستفاد من أرباح استثمار الوقف لصيانة المساجد، والإنفاق على تشغيلها أو لتوفير متطلبات المقابر، أو توفير احتياجات الأسر المحتاجة كتوفير الطعام والملبس وتوفير كلفة التعليم واحتياجاته وكلفة العلاج، وكلفة رعاية المسن أو المعاق وغيرها، وقد شاعت هذه الممارسة في السنوات الأخيرة، لما لها من مميزات وأهمها سهولة إدارة الوقف وتقليل كلفة المتابعة والإشراف.

ولكن أرى أنه مع تغير الاحتياجات وتغير أنظمة المعيشة لابد من إعادة النظر في منظومة الوقف الخيري، والتوجه لمشاريع النفع العام فمن المجدي أن ننشأ مشاريع وقفية للنفع العام كأن ينشأ مستشفى خيري يتم تأسيسه برأس مال مستمد من أرباح وإيرادات الأوقاف الخيرية، ويتم تمويل تشغيله من تلك الأموال لتتمكن هذه المستشفيات من تقديم خدمات طبية بأسعار تنافسية وبجودة عالية، ويسهم في تمويل تشغيل تلك المستشفيات رسوم يدفعها المرضى بقيمة معقولة، فلا يعني أن تكون هذه المستشفيات الخيرية مجانية ولكن تقدم الخدمات الطبية بأسعار في متناول الطبقة الفقيرة والمتوسطة.

ومن أمثلة مشاريع النفع العام التي ممكن للأوقاف الخيرية أن تنفذها: مدارس غير ربحية فيمول رأس مالها وكلفة تشغيلها بأموال الأوقاف، وكذلك إنشاء دور ومراكز الرعاية للفئات الضعيفة كمراكز رعاية المعاقين ورعاية المسنين ورعاية الأيتام.

إن إنشاء مشاريع نفع عام غير ربحية تحسن من جودة الخدمات الاجتماعية التي تقدم للمجتمع وتسد احتياجات الناس، ولا تقتصر هذه الخدمة والفائدة على الطبقة الفقيرة بل تمتد إلى الطبقة المتوسطة، وعموماً فإن منظومة الأوقاف الخيرية تتغير بين الفترة والأخرى وأرى أنه آن الأوان لتغير تلك المنظومة مع التوجهات الحديثة بخصخصة الخدمات فبعد أن كانت خدمات التعليم والصحة والخدمات الاجتماعية تقدم من قبل الحكومة بشكل مباشر، أصبحت تقدم من قبل القطاع الخاص وتشرف عليها وتدعمها الحكومة، فلا بد من أن تقدم هذه الخدمات من قبل القطاع غير الربحي.. ودمتم أبناء قومي سالمين.