التحقيق مع شركة طيران الخليج يكاد يكون أمراً متكرراً مع كل دور انعقاد، فهذه اللجنة النيابية لم تكن الأولى التي تحقق مع الشركة، ومع كل انتهاء دور انعقاد يتم استعراض نتائج التحقيق التي لا تزيد عن توصيات يتم استخدامها إعلامياً بشكل يبدو أن اللجنة اكتشفت أمراً كان مخفياً وها هي تنشره للعامة، ثم لا شيء يتغير.

أولاً، لسنا ضد إجراء تحقيق مع أي مؤسسة عامة، بل بالعكس أي مال عام لابد أن يخضع للرقابة الشعبية، وهذه أهم الأدوات الرقابية النيابية ونحث السادة النواب دوماً على استخدامها.

ثانياً، لسنا ضد شركة طيران الخليج أو معها ولا ندافع عن إدارتها ولا نتهمها، ما نودّ أن نقوله إننا نتحفظ دوماً على آلية التحقيق النيابية خاصة إذا كانت مع مؤسسة متخصصة في قطاعات كالطيران، أو حتى كصناديق التأمين كما حدث مع لجنة التحقيق الخاصة بهذه الصناديق.

فلا يمكن أن تعتمد على مهارات النواب فحسب أياً كانت عالية، بل لابد أن تحتاج لخبرات وتخصص ليس في مجال «الطيران» فحسب، بل حتى في «الإدارة» وفي «المحاسبة» وهي خبرات لا تتوفر في السادة النواب مع كامل احترامنا لهم.

إنما في كل لجنة تحقيق طوال أدوار الانعقاد السابقة، تُطرح هذه الإشكالية، وهذا ليس طعناً بنزاهة النواب أو مصداقيتهم، إنما الارتهان إلى هذه العناصر فقط، «النزاهة والمصداقية وحتى الحماس» في البحث والتدقيق ومراجعة القرارات التي اتخذها مجلس الإدارة أو الوزير المختص، لا يمكن أن يوصلك لنتائج دقيقة يمكن اعتمادها.

فحين تدرس ربحية قطاع ما أو خسارته فأنت تحتاج أن تقيس ذلك وتضعه ضمن عدة إطارات دولية وإقليمية من جهة، ومقارنات مع سنوات سابقة من جهة أخرى، وغيرها من الاعتبارات التي تُدخل في الحسبان أسعار البترول وغيرها، فلا نقول إن الشركة ربحت وخسرت إلا بعد إدخال كافة تلك العناصر وحينها ستختلف النتيجة النهائية حتماً عما تكون عليه لو وضعت رقماً وقارنته مع رقم آخر فحسب لتقول إن الشركة ربحت العام الماضي كذا والعام الحالي أقل، فتستنتج أن الإدارة بهذه النتيجة، فاشلة!!

قد تكون الإدارة فعلاً فاشلة، نحن هنا لا ننفي أو نؤكد، إنما إثباتات اللجنة وأدلتها غير دقيقة في حال لجان تحقيقاتنا، كما أن توصياتها غير دقيقة أيضاً لأنك لا تعرف إمكانية تطبيقها أم لا.

الخلاصة، لجان التحقيق كانت ومازالت بحاجة دوماً لدعمها بالخبرات والمختصين لمساعدتها للوصول للحقائق، لجان التحقيق بحاجة للاستعانة بأصحاب الاختصاص في تحقيقات من هذا النوع لا أن تعتمد على خبراتها المحدودة، وهذا ليس انتقاصاً منها، بل إن ذلك أمر طبيعي في كل برلمانات العالم، حيث يتم الاستعانة بالخبراء ويستمع لشهادتهم بل وكثيراً ما تبث تلك الاستماعات علناً، وتسجل في محاضر رسمية، فتكون نتائج التحقيق مدعومة بالآراء المعتمدة من أصحاب الخبرة، وليست نتائج توظف للدعايات الانتخابية فحسب. نحن نريد الفائدة أن تعم على الجميع ونوظف تلك الأداة النيابية الهامة للصالح العام والأهم لصالح النواب وتنمية مهاراتهم وتقويتها.