كم من شخص دخل السوبرماركت لشراء منتج واحد وخرج وبيده أكياساً كثيرة، كم من شخص خجل أمام طابور الدفع ليدفع ثمن غرض واحد فكسر خجله بأن حمل أغراضاً ليست له حاجة منها، كم منا من دخل محلاً وقد خصص لإنفاق على ما لا يزيد عن عشرة دنانير -مثلاً- وخرج وقد دفع ربما أربعة أضعاف المبلغ نتيجة شراء أكثر من حاجته.

هذا حال الغالبية مع ثقافة التسوق والشراء وفن التسويق لدى التجار وما يجر ذلك من ثقافة الاستهلاك غير الطبيعي إلى مرحلة التبذير، وكثيراً ما يؤدي ذلك إلى رمي بعض المشتريات بعد فترة أو كنزها لفترة طويلة من الزمن نتيجة عدم الرغبة في استخدامها أو عدم القناعة التامة عند الشراء.

يقال إن إعداد قائمة أهم المشتريات قبل الذهاب إلى التسوق سوف يحدّ من شراء المنتجات الأقل الأهمية، وننسى أن فن العرض والخصومات على بعض السلع تكسر حدود الشراء وتجبر متعة رغبة العين في الشراء، الأقوياء فقط هم من يستطيعون أن يسيطروا على الرغبة في الشراء المميت، أما «الجيب» فكثيراً ما يكسر أنف المشتري ويكتفي حينها بالقائمة التي أمامه.

يقال أيضاً بأن الرجل أفضل في شراء لوازم المنزل مادام لديه قائمة المشتريات، ويقال إنه يهتم أكثر بتواريخ إنتاج وانتهاء الصلاحية ويبحث عن بدائل للصنف ولكنه يشتري كمية كبيرة إذا لم يتم تحديد عدد السلعة الواحدة، ويقال أيضاً وهي حقيقة بأن الجوع يجعل من المتسوق يقبل على الشراء بشراهة ولديه القابلية لتجربة أي منتج -بس يشتري- وهذا حال الصائم أيضاً.

تغيير ثقافة الشراء يبدأ من الداخل أمام مغريات في عالم التسوّق في المجمعات التجارية والتسويق الإلكتروني أو التسويق من خلال منصات مشاهير التواصل الاجتماعي، يتطلب من الجميع الوعي والإدراك في التسوّق والشراء، ربما هذا الوعي لدى المستهلك سلاح أمام ارتفاع الأسعار وسلاح ضد التبذير وسلاح يقزم فيه أولئك المشاهير الذين يروجون عن كل شيء حتى السيئ والمضر من البضائع والخدمات، المستهلك دائماً يكون تحت مجهر التاجر، والتاجر يستفيد من دراسات نفسية المستهلك وفن التسويق وفنون البيع ويبقى على المستهلك أن يتعرّف على ماذا يريد جيبه وكيف ينفق ما تبقى من معاشه.