بما أنني، مولعة بالاستثمارات الحكومية وخطط التعافي الحكومية، نظراً لما مررنا به من أزمات اقتصادية امتدت قرابة 3 سنوات، فمن الطبيعي أن يكون تركيزي في البحث أكثر على الخطط الحكومية والخاصة المستقبلية لأفضل استثمارات قادمة، خصوصاً وأن شكل الاقتصاد قد تغير تماماً.

كنت أقول، إن الاستثمار والانتعاش الاقتصادي يستمران 10 سنوات، ثم تلحقهما سنة إلى سنتين عجفاوين إما أزمة مالية أو صحية أو ظروف سياسية تعنى بالمنطقة، ثم تبدأ الدورة الاقتصادية بشكل مختلف نظراً لتطور الأسواق بالطبع، وتغير الذوق العام وبالتالي حتى احتياجات الناس تتغير كثيراً.

وإذا نظرنا، إلى تأسيس دولنا الخليجية التي أصبحت متطورة خلال السنوات الخمسين الماضية، فقد كانت تقوم على الإيرادات الحكومية من سلة استثمارات النفط، ووزارات كانت أشبه بدجاج يبيض ذهباً بصراحة، مما يوفر تغطية تامة للرواتب والتكاليف التشغيلية وتحقيق إيرادات مرتفعة تغطي أي عجوزات مالية إن حدثت.

المحافظ المالية الحكومية والوزارات، التي تقدم خدمات ولا يستغني عنها المواطن والمقيم والزائر، وصولاً إلى المستثمر مقابل مبالغ رمزية آنذاك، وسهولة الحياة وارتفاع أسعار النفط وقلة الكثافة السكانية وبساطة تكاليف الحياة، يقابلها اليوم، وضع اقتصادي يضغط على المستثمر والعالم مقابل طموح الجميع في حياة أفضل، حيث أصبح دخل الوزارات بالمحافظ الوزارية التي كانت إيراداتها بالملايين ضعفت شيئاً فشيئاً مقابل نشاط مردود القطاع الخاص.

هذا الأمر، جعل حكومات العالم تنشئ الأذرع الاستثمارية الجديدة المساندة لإيرادات الدولة، والتي تستهدف استغلال الأراضي الحكومية، بشكل أفضل، بدلاً من تأجيرها كأوقاف أو عقود طويلة المدى بأسعار زهيدة أو الاعتماد على القطاعات الصناعية الثقيلة ذات الاستثمار العالي والمردود المتأخر!!

بطبيعة الحال، فإن دخل العناصر الحكومية عن طريق أذرعها الاستثمارية بأوج قوتها في الأسواق المحلية، سيكون منافساً قوياً وداعماً في بعض الأحيان للمستثمر المواطن، مما سبب بلاشك تقليل حظوظ التجار عموماً، أو خلق فرص أخرى نتيجة تنوع نمط الاستثمار وازدياد شريحة الاستهلاك، وصولاً إلى الكماليات التي أصبحت أهم من الاحتياجات في يومنا هذا.

اليوم، الصناديق الاستثمارية الحكومية تعلن استحواذها على أسهم فعالة في شركات مساهمة عائلية وأنشطة تجارية فردية ومؤسسات حتى الصغيرة، وحتى الاستثمار في القهوة اليومية كما حصل في المملكة العربية السعودية، ويا له من استثمار ناجح نظراً لكثافته الاستهلاكية التي تتعدى 100 مليون كوب قهوة يومياً.

أضف على ذلك، المخزون المالي القوي الذي تمتلكه دولنا من محافظ استثمارية مالية ليس لها علاقة بالصناعة أو النفط قد تتعدى 300 مليار دولار من السيولة، حسب ما همس لي أحدهم في مجلس التنمية الاقتصادية والتي يبدو أنها تسير وفق الصواب أكثر مما نتخيل نحن التجار.

الشيء المؤكد، الذي أود أن أفصح عنه في هذه المقالة، أننا لسنا نحن اللاعبين الوحيدين في السوق المحلية ولا يشاركنا فقط المستثمرون الأجانب بل تشاركنا الدولة بجميع أذرعها الاقتصادية في أسواقنا المفتوحة.

* سيدة أعمال ومحللة اقتصادية