«من جَرّب المجرب كان عقله مخرّب»، مثل استمر الشعب اللبناني يعاني من تبعاته السلبية على مدار أكثر من ثلاثة عقود. كيف لا، وهو ينتخب نفس الوجوه للكراسي النيابية، ليثبتوا للشعب دورة بعد دورة أنهم ممثلون عليهم وليسوا لهم، إلا مَن رحم ربي ممن يتمتعون بوعي الضمير وهُم للحقيقة قلة قليلة.

أما اليوم فذاك المثل أصبح من الغابرين، ولابد أن أرفع تحية إكبار وتقدير لبعض أبناء الشعب اللبناني الكريم الذي تمكن وبكل جدارة وتمييز أن يمسك زمام التغيير بقبضة من فولاذ متين ويقول لا وألف لا لِجوقة المطبّلين المهيمنين على منافذ السلطة، وسمح لصوت التغيير أن ينقذ لبنان الحبيب تاريخ 15 مايو 2022 من بئر الأمس الغويط. أما مجموعة الغافلين فنحن لاختياراتهم لسنا بمستغربين متعجبين لأنهم للأسف تابعون غير مستقلين، آملين أن يستيقظوا من توهانهم قريباً!

وعرس التغيير لم يكن ليكتمل، في حال عزَفَ أهل بيروت الشرفاء عن التصويت، من باب تلبية النداء والعمل بما تمناه عليهم زعيم طائفتهم الشيخ سعد الحريري. حيث أعلنها صراحة أنه وعائلته للعمل السياسي اللبناني معتزلين وللانتخابات النيابية من المقاطعين. وإحقاقاً للحق، فهو بذل قصارى جهده بأن يحافظ على الإرث الزعامي البيروتي الذي تركه والده رحمه الله لنثبت المثل القائل «من خلف ما مات». ولكن الشيخ رفيق الحريري لم يكن فقط رجلاً سياسياً وصاحب أموال وأعمال وزعيم الطائفة السنية بامتياز بل كان الدعامة والسند والعزّة والفخر لجميع اللبنانيين دون تمييز ولم يأتِ الى الان على لبنان مثله زعيم يتميز بالعطاء والتقديم والعقل المنير.

فأهل بيروت أوفياء كانوا ولا زالوا، ولا يحق لاحد ان يشكك بمدى تفانيهم وولائهم. وأثبتوا وبكل جدارة مرات عدّة ان يُنفّذوا قاعدة «كُلّهم يعني كُلّهم» ولكن اليوم كان عليهم مواجهة خطر أكبر، يواجههم كلهم وأن ينقذوا من هي اعظم منهم كلّهم «مدينتهم بيروت» ممن تسوّل له نفسه إخماد صوت الحرية الذي تتمتع فيه.. وعلى أمل أن نبقى بمسيرة التغيير ملتزمين.