طرحنا في الأسبوع الماضي في عمود «إشراقة» يوم السبت الموافق 21 مايو 2022، مشكلة انتشار الغبار في جميع فصول السنة في منطقة البسيتين نتيجة وجود مناطق شاسعة من البحر ردمت، ولم تبنَ لمدة طويلة، وكلما هبت رياح حتى لو كانت خفيفة تحركت الطبقة العليا من الرمال، وهي رمال خفيفة سريعة التطاير، فيغطي الغبار منطقة البسيتين ويدخل إلى داخل المنازل، ويترك أضراره على الناس، وقد لاقى هذا الموضوع استجابة وأصداء كبيرة سواء من أهالي البسيتين، أو من غيرهم، مؤيدين هذا الرأي ومتمنين إيجاد حل لهذه المشكلة، ولكن كان ضمن التعليقات المتفاعلة مع المقال تعليقات المهتمين والمختصين في مجال البيئة، وقد أعجبتني بعض التعليقات، وسأطرح بعض هذه التعليقات لأهميتها.

يرى أحد الباحثين والمختصين في مجال العلوم والبيئة أنه لابد من الأخذ في الاعتبار دراسة الجوانب البيئة عند دراسة الجدوى لأي مشروع، وأن يلتزم القائمون على دراسة مشاريع تخطيط المدن بوضع آراء وملاحظات المختصين في مجال البيئة، ومهندسي البيئة، فتدرس الأضرار التي قد يتعرض لها الإنسان، أو الأحياء البحرية أو الطيور، أو غيرها، وأن يضع المختصون في البيئة مقترحات وتدابير لحل المشكلات البيئية الناتجة عن إقامة مثل هذا النوع من المشاريع، بوضع حلول مؤقتة ناجحة حال الانتهاء من الدفن كدفنها بالإسمنت المعالج وبلون أخضر مراعاة للناحية الجمالية، ومن التدابير الذي يقترحها البيئيون، وضع مدة محددة لإعمار المنطقة وبنائها لوقف تطاير رمال الدفان وزحفها، أو البدء في رصف الشوارع والطرقات لتشجع الملاك على سرعة بناء الأراضي المدفونة.

ويرى أحد القراء وهو طبيب أن مشكلة التصحر مشكلة تؤثر على صحة الإنسان، والحل الأمثل والصحي في تشجير هذه المناطق لحماية صحة الإنسان من الأتربة، وتوفير مصدر للأوكسجين. ويرى بعض القراء أن البحرين لم تكن تعاني من مشكلة الأتربة وانتشار الغبار، إنما حدث ذلك نتيجة تغيير بيئي حدث في منطقة الخليج العربي نتيجة الحروب التي دمرت المناطق الزراعية، وقضت على الأشجار وأدت إلى زيادة مناطق التصحر.

ومن لطائف التعليقات التي استلمتها حول هذا الموضوع عن فوائد الغبار، ما يلي «منذ القدم، تنبه ابن خلدون في مقدمته لأهمية الغبار، فقال إن الأرض بعد تقلب الفصول من فصل إلى فصل، تبدأ بلفظ أمراض وحشرات لو تركت لأهلكت العالم فيرسل الله الغبار، فتقوم هذه الأتربة والغبار بقتلها»، مضيفاً «تلفظ الأرض الأمراض بعد الرطوبة خلال فصل الشتاء، فلا يقتلها ويبيدها إلا الغبار». «وتقدم هذه المقدمة دليلاً على أن الغبار الذي يثير ضيق الناس وغضبهم، يعتبر المدافع الأول عنهم ضد الكائنات الحية من حشرات وميكروبات تضر الإنسان أو تسبب له الإزعاج. ومن فوائد الغبار أيضاً أنه يقلل من درجة حرارة الجو ويزيد من استقرار الغلاف الجوي في حال تواجده بكثافة، كما يقلل من خطر الغازات السامة في الجو. وتساعد ذرات الغبار في عملية تكثف الغيوم وتساقط الأمطار، إضافة إلى أنه يساعد في عملية تلقيح النباتات. ويساعد تعرض الأطفال للغبار والرياح بشكل معتدل غير مبالغ فيه بتحسين وتعزيز مناعة الأطفال، ولكن لا يقصد هنا تعريضهم لموجات الغبار الضخمة، بل يكون ذلك من خلال الحدائق والغبار الموجود في المحيط الطبيعي للطفل».

تلك وجهة نظر منطقية، عموماً أرى أنه لابد من الاستعانة بالمهندسين البيئيين لدراسة مشكلة التصحر الناتجة عن تدمير البيئة الزراعية أو دفن البحر وآثارها ووضع حلول لمشكلاتها، ودمتم أبناء قومي سالمين.