بعد عامين من الحذر والعزلة المنزلية، وابتعاد الطلبة عن المدارس والأندية والتجمعات، عادت الحياة نوعاً ما إلى طبيعتها، وعاد الكثير من الطلبة إلى مقاعدهم الدراسية والحياة الطبيعية والاحتكاك مع مثلائهم في العمر والسن، الأمر الذي سيعوض عن فترة انقطاعهم وتباعدهم الاجتماعي الذي انعكس عليهم بصورة سلبية بعد أن أصبحت شريحة كبيرة من الطلبة يفضلون الانطواء والجلوس في المنزل والتسكع في العالم الافتراضي ما بين الألعاب الإلكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي حتى باتوا لا يجيدون أبسط مهارات التواصل في العالم الحقيقي.

فكل طفل وكل مراهق يكون لديه شغف لاكتساب معارف جديدة بأي وسيلة ممكنة، ولذلك تجدهم يبحثون عما يثير مداركهم ومشاعرهم في مواقع التواصل الاجتماعي ولو كانت هناك قدوات سيئة تؤثر عليهم بشكل جلي، ومع وجود أدوات التواصل بين يدي الجميع اليوم أصبح دور أولياء الأمور أصعب من ناحية التوجيه والدعم وإيجاد ميول الأبناء ومحاولة توفير البيئة التي تناسب ميولهم ومهاراتهم دون محاولة فرض أي هواية عليهم، إن عملية إيجاد البيئة الخصبة والمناسبة لمهارات الأبناء وميولهم هي الخطوة الصحيحة في رسم مجال حياتهم المستقبلية، فينشأ الطفل وهو يعمل ما يحب لا أن ينشأ وهو يفعل ما يحب والداه.

فالأطفال اليوم لديهم ميول مختلفة ومتنوعة، فالعالم الحالي المتسارع يستدعي توافر مهارات حديثة كالتصميم والبرمجة والذكاء الاصطناعي وغيرها الكثير من الهوايات التي ستكون عاملاً مهماً في تجهيز هؤلاء الأطفال للمستقبل ولسوق العمل، كما أن هناك اليوم الكثير من المراهقين الذي يملكون دخلاً مالياً من خلال صناعة المحتوى والتسويق، وبعضهم أصبح مدخوله من خلال الألعاب، ولذلك فإن إلمام المراهقين اليوم بالواقع يسهل لهم عملية اكتشاف ميولهم وتطوير مهاراتهم وعمل ما يجيدون وما يحبون دون تدخل الأهل بشكل مباشر، ولكن ما على الأهل اليوم هو قبول هذه الهوايات الحديثة، وتشجيع الأبناء على فعل ما يفضلونه لا ما يفضلوه الوالدان للحرص على استمرار الأبناء في هوايتهم دون الحاجة للمجاملة أو فعل ما يكرهون.