نعم حقاً، ولِمَ الاستغراب فعنوان المقال صحيح ودون زيادة أو تحريف. «عندي ثانوية عامة.. دعواتك». كان هذا رد صديقتي عند سؤالي لها عن سبب غيابها وانقطاع أخبارها.

قرأت الإجابة أكثر من مرة. محاولةً أن أحلل المكتوب علّه خطأ مطبعيّ غيَّر المعنى والمقصود، أعدت القراءة وفي داخلي أكثر من علامة استفهام! كيف لصديقتي أن يكون عليها امتحانات الثانوية العامة وأنا أدرك تماماً أنها قاطعة شوطاً كبيراً في مرحلتها الدراسية منذ زمن وكانت من المتفوقات!! لكني ارتحت عندما خاضت في التفاصيل ليظهر بأن ابنتها هي الممتحنة وليست صديقتي.

أنهينا الحوار وأنا أردد جملتها: «ادعيلي....» لأدرك أن صديقتي كانت محقة بطلبها حين نسبت الامتحانات لنفسها. أعتقد أننا كلنا نمثّل صديقتي وقت امتحانات أبنائنا بغض النظر عن مرحلتهم الدراسية.

أولادنا يمتحنون ولكن نحن من «نشيل» همهم وهمّ دراستهم وهمّ انتباههم وأسباب تشتتهم، وينتابنا الخوف والقلق من أي عائق ممكن أن يحيل بينهم وبين درجات التفوق التي يمكن أن ترفع شأنهم وتحمي مستقبلهم.

13 سنة على الأقل، تذهب من عمر الأهالي بين رعاية واهتمام، تدريس وتعليم، وبين متابعة وتوجيه وسعي حثيث لتأمين كل ما يحتاج أبنائهم في مراحلهم الدراسية على مر السنين.

الثانوية العامة تمثل عنق الزجاجة والمفصل ما بين الداخل والخارج، ما بين عالم الأمان وعالم الاكتشاف، ما بين الحلم والحقيقة، ما بين عالم الرعاية الأبوية والاستقلالية الفردية.

لذا فرسالة شكر وتقدير وخالص الدعاء لكل أم وأب قدموا وضحوا من أجل أبنائهم دون أن يمِلوا. والشكر موصول إلى كل معلم صاحب علم وخُلُقٍ عظيم ولكل إدارة مدرسة تحلّت بالذمة والضمير على جميع الميادين.

لذا فإن فرحة الطالب بيوم تخرجه من الثانوية العامة فرحة، وفرحة الأهل بهذا اليوم لا تعادلها أي فرحة. مبارك لكل الخريجين فالوطن بحاجة إلى سواعدكم وعطائكم العلمي والفكري وأخلاقكم العظيمة بالتأكيد، فاكملوا المسيرة وكونوا لسلم العلم والإيمان من الطامعين، فإنه سلم المجد الذي لا يُهان.