ها نحن اقتربنا من أن نطوي مرحلة من مراحل المجلس النيابي بكل ما حملته من نواحٍ عديدة، وكل يراها بطريقته، فمنهم من يطلق عليها مرحلة واقعية، والبعض يقول إنها لم تحوِ أي إنجاز، وآخرين ينعتونها بالسنوات الأربع العجاف، وتتعدد الآراء ولكن تبقى حقيقة واحدة تحظى بالإجماع والاتفاق بنسبة مائة بالمائة، وهي أن من كان بالمجلس وتحت قبة البرلمان كانوا من اختيارنا ووصلوا إلى ما وصلوا إليه بأصواتنا ووفق إرادتنا.

خمس دورات متتالية وعشرون عاماً مضت برأيي كفيلة بأن نكون الآن قد وصلنا إلى أوج مراحل النضج، وبتنا نفرّق بين المرشح الفارغ من الداخل وغير القادر على العطاء من المرشح القادر على المناقشة واستخدام كافة الأدوات الدستورية، صاحب الخبرة لا صاحب الوجاهة، صاحب الأفعال لا الأقوال.

عشرون عاماً من المفترض أن تمنح الناخبين القدرة على الوقوف في المقار الانتخابية ومناقشة المرشّح سواء في برنامجه الانتخابي أو في إلمامه بالمعترك السياسي، المناقشة وحتى المناظرة كفيلة بأن تُظهر لك عقلية من ستُدلي بصوتك له وتمنحه حقاً من حقوقك، سترى مقدرته على النقاش وطريقة إقناعه ورجاحة عقله، بدلاً من أن تتفاجأ به بأنه أصم في المجلس، مفلس فكرياً، لا يملك من العقل إلا ما يؤهله للترشح فقط.

خمس دورات كفيلة بأن نسأل المرشحين في مقارهم الانتخابية عن كيفية تحقيقهم للعهود التي يطلقونها، وكيف سيتعاملون مع ناخبيهم في حال فشلهم في تحقيق ما أطلقوه من وعود، وما هي آليات التعامل مع أهالي الدوائر في حالة النجاح، ويتم الاتفاق على آلية للمحاسبة إذا نقض المرشح وعوده ولم يحقق عهوده.

الفصل التشريعي الماضي كان مسرحاً تناوب فيه أغلب الأعضاء الكرام في تقديم المفاجآت لناخبيهم، فمنهم من أطلق أفكاراً في مقره الانتخابي ولم يعمل على تنفيذها طيلة الأربع سنوات، ومنهم من كان يصرخ ويتوعد ويتعهد على مسرح مقره الانتخابي لينام بعد الصراخ أربعة أعوام، ولربما يصحو اليوم ليعاود الصراخ طمعاً في حجز مقعد لسنوات أربع قادمة.

حري بنا أن تتوقف أقلامنا عن نقد أداء النواب بعد الانتخابات القادمة، حيث إن النقد سيتحول من النائب إلى الناخب، فهو من يتحمل سوء أداء من صوّت له وأوصله إلى ذاك المكان وتلك المنزلة، لذا فإن العرس الديمقراطي القادم خلال الشهور القليلة المقبلة يجب أن يشهد وعياً أكبر وثقافة أرحب، وتلك المقومات إن وجدت لدى الناخب فإنها ستوصل نواباً حقيقيين لا نواباً نائمين.