باستثناء الفترة التي تلت اختطاف الملالي للثورة الإيرانية في 1979 وأدت إلى تضرر قدرات البعض في الفهم والتمييز واختيار اللغة والقواعد الأصيلة للتواصل مع الآخر فإن أحداً لا يختلف على أن أهل البحرين ظلوا طويلاً متعايشين ولا ينظرون إلى الآخر -أياً كان أصل ذلك الآخر وفصله ودينه ومذهبه وأفكاره وقناعاته- بالطريقة التي قد ينظر بها البعض اليوم إليه.

يكفي مثالاً أن المواطن البحريني كان يدخل إلى أي محل تجاري وغايته الظفر ببضاعة جيدة فلا يهمه إن كان صاحب المحل منتمياً إلى هذا الدين أو ذاك أو إلى هذا المذهب أو غيره أو أنه من هذا العرق أو القومية وينطلق في التعامل معه بما يتمتع به أهل البحرين من خلق رفيع وقدرة على استيعاب الآخر، والأمر نفسه فيما يخص من اختار البحرين موئلاً حيث يتعامل مع المواطنين جميعاً من دون حساسية ولم ترد قط أية معلومة مفادها أنه يبيع بضاعته على أتباع هذا الدين أو ذاك المذهب أو هذا العرق أو غيره بسعر أعلى أو جودة أقل.

ويكفي مثالاً أيضاً أن جل أهل البحرين -ولربما كلهم- كانوا يشاركون الآخر أفراحه وأتراحه ويتواصلون معه في مختلف مناسباته ويعبرون عن احترامهم له ولها، وفي المقابل كان أتباع الديانات الأخرى من المنتمين إلى مختلف الأعراق يتواصلون مع البحرينيين الذين يحرصون على إقامة شعائرهم الدينية ويعبرون عن احترامهم لهم ولها.

ما سبق يؤكد أن مجتمع البحرين ظل يتمتع ويتميز بتوفر الفهم المشترك، وهو ما يحرص على تأكيده في كل حين صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، ملك البلاد المعظم حفظه الله ورعاه وتوفر المثال عليه في الأيام الثلاثة الماضية التي استضافت فيها المملكة مؤتمر «توسعة الأفق.. حرية الدين والمعتقد» بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي وهدف إلى «ترسيخ أسس حوار منظم لتعميق الفهم المشترك لحرية الأديان والمعتقدات والارتقاء بالتعاون الإنساني على مبدأ التعددية والتنوع».