إنه في التاسع من رمضان من العام 1443 هجري الموافق العاشر من أبريل 2022م ترجل ورحل أبي وأب الجميع حيث غيب الموت الأب الحنون أب المحرق على وجه الخصوص وأب البحرين على وجه العموم وهو المغفور له بإذن الله تعالى الوالد الأستاذ والمربي الفاضل محمد بن عبدالله بن إبراهيم العيد، أبي إنك لست أبي وحدي إنما أنت أب الجميع وهذا ما لمسته في حياتك ومماتك، طبت حياً وميتاً يا من فخرت به وسأظل أفخر به دائماً وأبداً ما حييت، والدي أنت من نرفع به رؤوسنا في محياك وفي مماتك، اسمك له صدى تعلو به الأصوات، أنت خير قدوة لي ولإخواني وأخواتي وللعائلة ولكل من عرفك، أنت النور الذي أضاء لنا جميعاً كل الدروب، أنت من علمنا كيف نقوى حين الضعف، هدؤك الجميل وصمتك الأجمل يشدني إليك ولا يفارقني، هو الحس الشامخ في بصري وبصيرتي، أعطيتنا من عطاؤك الذي أعطيته كل أبنائك وبناتك على أرض مملكة البحرين، رحيلك الصامت قاسٍ وفراقك أقسى، رحيلك مصاب جلل ولكن الله سبحانه وتعالى يمسح على قلوبنا بما تمتعت به من سمعة طيبة ذاع صيتها في كل مكان وعلى كل لسان سواء لمن عرفك شخصياً أو لمن لا يعرفك عن قرب، والأمل في الله عز وجل وعزاؤنا فيه أن يمن الله علينا من فضله ويجبر خواطرنا بذكرك الجميل وكلام الناس العذب في حقك الذي هو البلسم المداوي للجرح العميق، ونحن نعلم بأن الناس هم شهداء الله في الأرض، أبي أنت من علمنا حب الناس وزرع فينا حب الخيرات الحسان وأنبت فينا روح العمل التطوعي والخيري، كيف لا وأنت أبونا وأب للجميع، كيف ننسى سنوات العمر الجميلة واللحظات الأجمل التي قضيناها معك، ستظل حاضراً في قلوبنا حتى ولو غيب الموت جسدك. وجدناك يا أبي في حياتك واسع الصدر تقبل النقاش هين لين وخصوصاً في الجانب الإنساني توصينا بالعطف على الصغير قبل الكبير والضعيف قبل القوي والحنان على المسكين وأن نكرم من أكرمنا ونعفو عمن ظلمنا ونسامح من تسامح منا، علمتنا العفو عند المقدرة، زرعت في أعماقنا كيف نعمل ونتعلم لنحصد حسن الخلق والقيم والمبادئ واحترام الناس، تعلمنا منك الكرامة والطيبة والإحسان، ستظل يا أبي أنت الأب والمربي والمدرس في العلم والحياة أنت من رسم شخصيتنا في هذه الدنيا، لأنك عشت ذو شخصية قوية ومؤثرة في المجتمع لا أستطيع أن أصف تلك الشخصية وخصوصاً في الأثر الذي تركته خلفك، حملتنا المسؤولية من بعدك، هذه المسؤولية ليست بالسهلة، كم نحن نشتاق إليك يا أبي وكم تشتاق البحرين إليك، فراقك وفقدك ألم، ولكن أنت من كرس حياته من أجل البحرين والعلم والتعليم، أنت من صمد في وجه محو الأمية وعمل جاهداً إلى أن يستمر العلم من المهد إلى اللحد، وأروقة مدرسة الهداية الخليفية ووزارة التربية والتعليم ومدارس البحرين الحكومية والخاصة يشهدون بذلك، أبي أنت المثل الأعلى الذي نحتذي ويحتذى به، إنك الأنشودة التي يتغنى بها، علماً بأنك لا زلت في ذاكرة الجميع، ذكراك العطرة في القلوب، ما أصعب الحياة من دونك يا أبي، افترقنا في هذه الدنيا، ولكن نسأل الله سبحانه وتعالى أن يجمعنا في الدار الآخرة وفي جنات النعيم وفي أعلى فراديس الجنان، وهذا ليس على الله ببعيد، أبي إني أتذكرك وأذكرك في كل وقت وحين، وأحتاج لك في كل الأحيان، وشوقي إليك لا يوصف، رحمك الله يا أبي برحمته الواسعة وأسكنك فسيح جناته، لك الرحمة والمغفرة ولنا ولأحبتك الصبر والسلوان، وما شهدناه وشهده الجميع تلك الجنازة المهيبة، جنازة المغفور له بإذن الله تعالى الأستاذ والمربي والمعلم الفاضل وأب الجميع في يوم رحيله ويوم وداعه بمقبرة المحرق حيث كانت الجنازة لم يشهد لها مثيل في تاريخ تلك المقبرة، وهذا مصداق لما قاله الإمام أحمد بن حنبل ما أوجزها وأصدقها من مقولة وهي:

«موعدنا يوم الجنائز - بيننا وبينكم يومُ الجنائزِ»، والتي كان يقصد بها الأثر الذي يتركه الميت في الناس بعد رحيله ومدى حبهم وتقديرهم له والذي يظهر يوم الجنائز.

هذا هو أبي وأبوكم إنه الرجل الوفي معنا ومع الجميع، والذي أوفى معه الجميع في محياه وفي مماته، وهذا هو قدر الله المحتوم وكل نفس ذائقة الموت، وإننا لا نقول إلا ما يرضي الله عز وجل إنا لله وإنا إليه راجعون، ولا حول ولا قوة إلا باالله العلي العظيم، وإنا على فراقك يا أبي لمحزونون.