نحتاج في مملكتنا الحبيبة من يتبنى المعنى الحقيقي لمفهوم الصناعة، الصناعة الحقيقية وليست التحويلية، الصناعة بمفهومها الدقيق وحساباتها الفعلية ونتائجها المادية بعيداً عن المانشيتات الصحفية. الصناعة التي تنهض بالاقتصاد وتوظف العاطلين، وتنعش ميزانية الوطن، وتكون سلاحاً يعتد به حتى في المواقف السياسية.

الصناعة مفهوم ومصطلح شامل يدخل في كافة القطاعات، فمن المستغرب أننا مازلنا نعول على الصناعات التحويلية ونغفل الصناعة الحقيقية، الصناعة التي حولت بلداناً كثيرة من حال إلى حال، الصناعة التي ترتقي بصادرات الوطن وترتقي بالتالي بمعيشة مواطنيه، الصناعة التي تنظر من خلالها إلى عنوان «صنع في البحرين» بكل فخر واعتزاز.

نحن نملك وزارة يطلق عليها وزارة الصناعة والتجارة، وفي تقديم الصناعة على التجارة مثال حي على الرؤية الحكيمة للقيادة السياسية على أهمية هذا القطاع، ولكن مع الأسف خطواتنا بطيئة جداً ولم نحقق حتى الآن ما نصبو إليه.

أنا لا أتحدث هنا عن صناعة السياحة أو صناعة الرياضة أو غيرها من الصناعات، هدفي الأول هو الصناعة بمفهومها الرئيسي، وهو إنشاء مصانع تحوي آلات وتنتج سلعاً ومواد يتم تسويقها في الأسواق المحلية وتصدّر إلى الخارج، فما الذي ينقصنا حتى نصل إلى هذا الهدف؟ وخاصة إذا كانت العزيمة موجودة والقرار السياسي موجهاً إلى ذلك، والأيادي العاملة متوافرة، وخاصة من فئة الشباب من الجنسين، وهناك عوائل وأسر على أتم الاستعداد للعمل في هذا القطاع ومنها فئة الأسر المنتجة.

نحتاج إلى عقول تضع اللبنات الأساسية لهذا القطاع، عقول تخطط وترسم الخطوات القادمة حتى نرى مصانع أساسية تنتج السلع المطلوبة في الأسواق محلياً وخارجياً، عقول تعمل الليل مع النهار لتصنع مصدر دخل فردي وقومي، لتكون مساهمة في الإنتاج المحلي ومن المصنع الواحد السلعة الواحدة تكون في المستقبل مصانع متعددة لسلع متنوعة.

لدينا تجارب ونجاحات خاضها مجلس التنمية الاقتصادي، فلم لا تتحول تلك التجارب الناجحة من مستوى معين إلى مستويات أعلى وأشمل؟ هذا ما نأمله.

نأمل ونريد صناعة بمعنى الصناعة، وليت ما نتمناه ونأمله نراه على أرض الواقع.