بداية الأزمة كانت محصورة في الأزقة والشوارع الضيقة داخل المناطق السكنية، عندما كنا نواجه أصحاب توصيل الطلبات للمنازل وهم يقودون دراجتهم الهوائية بيد، وباليد الأخرى يمسكون حمولة الأغراض. ولا يمكنني أن أنسى ذات مساء، ذلك العامل الذي كان يترنح على دراجته لسبب أن عليه أن يقوم بمكالمة هاتفية. تلك المكالمة الهاتفية والتي مهما بلغت أهميتها لن تكن أهم من روحه وروح من يقود سيارته والذي يعتريه وابل من الخوف بأن يصدمه بشكل خاطئ خاصة في الليل في الشوارع المعتمة.

أما الآن فالأزمة تعدت مرحلة الأزقة والطرقات الداخلية ووصلت بأدراجها إلى الشوارع الرئيسية، لتصبح الأمور أكثر تعقيداً وأكثر خطورة سواء على قائد المركبة أوقائد الدراجة النارية.

فالأغلبية منهم لا يجدون سوى المسار الأيسر في الشوارع الرئيسة لضمان أن يوصّلوا طلباتهم في أسرع وقت ممكن، وهذا ما يتسبب في عرقلة الحركة المرورية، وأيضاً الأمر لا يخلو من مسكهم لجهاز الهاتف وعينهم تارة على الشارع وتارة على الخريطة في هاتفهم. إضافة إلى ذلك فالبعض منهم يحاول شتى جهده كي يقفل المسار عليك ويمنعك أن تتعداه، وكأنه يريد أن يدخل معك في سباق حرق الإعصاب. ولا يخفى أن البعض الآخر لايزال مبتدئاً بقيادة الدراجة النارية التي تجدها تترنح بين يديه يمنة ويساراً. هذه الأمور مجتمعة تدعو الإدارة العامة للمرور لتوعية عمال توصيل الطلبات بالدراجات النارية إضافة إلى القيام بحملات مكثفة لمكافحة هذه الظاهرة التي تسببت في العديد من الحوادث المرورية التي نكاد نراها بشكل مستمر.

إني على يقين بأن هذه الظاهرة غير غائبة عن الإدارة العامة للمرور بوزارة الداخلية، وهي قادرة على القضاء عليها من خلال التوعية والحملات المرورية المكثفة. والحملة يمكن أن تتضمن مجموعة من الإجراءات ومنها مقاطع الفيديو والمطبوعات المزودة بالقوانين الخاصة بعمال توصيل الطلبات بلغات متعددة. فحياة وأرواح الناس أهم من توصيل طلبية مهما بلغت قيمتها.