«القوة مليحة»، مثل شعبي يستخدم حينما ترى شخصاً له نفوذ إما نفوذ مادي أو نفوذ في السلطة أو قوة جسمانية. فهو المسيطر بكل الأحوال ولكن هذا ليس هو بيت القصيد بل نحن نشهد في هذا الوقت تحولاً كبيراً في دول كانت تتمتع بنشر نفوذها الأقتصادي والسياسي والعسكري على دول لا تستطيع أن تحرّك ساكناً، لكن هذا التحول جاء متزامناً مع بداية الحرب الروسية على أوكرانيا. هذه الحرب كشفت أموراً عديدة أهمها مصادر القوة، وكنا لا نسمع إلا عن أن سيدة العالم الولايات المتحدة الأمريكية، ومعها حليفتيها، فرنسا وبريطانيا، هم من يسيطرون على العالم، لكن دوام الحال من المُحال، فكما انتهت الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس والتي كانت تحكم نصف العالم إلا أنها أصبحت مثل أي ولاية أمريكية تقبع تحت العباءة الأمريكية، أيضاً كان الوقت لتظهر دولة أو دولتان وربما ثلاث يجعلون من أمريكا شبيهة لبريطانيا. في الأسبوع الماضي كانت رئيسة مجلس النواب الأمريكي نانسي بيلوسي تنوي على رأس وفد أمريكي زيارة 4 دول آسيوية من ضمنها تايوان، ولكن جاء الرد سريعاً في اتصال هاتفي بين رئيس الولايات المتحدة الأمريكية بايدن ورئيس الصين أبدى فيه الرئيس الصيني رأيه أن نانسي بيلوسي لو هبطت طائرتها الأراضي التايوانية فإنها لن تخرج من تايوان مرة ثانية ولن ترى الولايات المتحدة. جاء ذلك الاتصال بمثابة تهديد صيني لسيدة العالم وذلك إيذاناً أن هناك من هم سيمتلكون القوى الاقتصادية والعسكرية أكبر من أمريكا. لذلك وعلى مدار 10 سنوات تمكنت دول من إعادة سيطرتها ونفوذها اقتصادياً وسابقت الزمن في بناء نفسها وسخّرت طاقاتها لخدمة الوطن والمواطن، فظهرت هذه الدول بمظاهر القوة والتحكم في أحكامها غير مبالية بدول عظمى كانت تحكم العالم، واليوم تتطلع شعوب العالم إلى ما يدور في الساحة الاقتصادية والسياسية والعسكرية من بسط نفوذ دول وسوف تختفي دول أخرى. العالم يتطلع إلى الصين وروسيا واليابان والمملكة العربية السعودية تلك الدول التي سابقت عقارب الزمن في بناء اقتصادها وأحوالها بينما انشغلت دول عظمى في دعم الميليشيات والمنظمات الإرهابية واستنزفت ثرواتها على تسخير هذه المنظمات والميليشيات للضرر بدول أخرى.

نعم، نقول لهذه الدول التي أضحت تستجدي دول الخليج في ضخ مزيد من نفطها لصالح دول باتت للانهيار قاب قوسين أو أدنى، نقول لهم دوام الحال من المُحال.

* كاتب ومحلل سياسي