على ما يبدو أن جولة الاتفاق النووي الإيراني ستنتهي كعادتها بالفشل كون أن النقطة الأساسية والخلافية هي أن إيران تسعى لاتفاق ملزم من الإدارة الأمريكية بعدم الانسحاب منه بالمستقبل، وهذا لا يستطيع الرئيس جو بايدن أن يقدمه لطهران.

وبحسب ما نشرته وسائل الإعلام أن هناك اتفاقاً على الكثير من البنود بين الطرفين غير أن الطرف الأوروبي يدفع للصفقة للأمام وذلك ليتحاشى تبعات العقوبات التي تم فرضها على روسيا، حيث لدى إيران ثاني أكبر مخزون من الغاز الطبيعي، مما يدفع الأوروبيين بتقديم كافة التنازلات والضغط على الإدارة الأمريكية التي هي نفسها من وجهتهم لعدم شراء الغاز الروسي فهي أمام خيارات صعبة وقد تكون مستحيلة بإعطاء طهران ما تريد باتفاق ملزم يضمن عدم الانسحاب بالمستقبل.

فالإدارة الأمريكية في ورطة كبيرة بشأن العودة للاتفاق النووي، فهي تحتاج أن ترضي الأوروبيين بتوفير البديل للغاز الروسي وبذات الوقت هي ملتزمة بأمن إسرائيل، فتل أبيب أكثر من مرة نوهت ورفضت هذا الاتفاق بصيغته المعروضة ومنها الإفراج عن المليارات لصالح إيران، وهذا ما يدفع البيت الأبيض إلى أن تكون خياراته ضيقة لأبعد مدى في مفاوضات فيينا، مقابل إيران المنتعشة بتعاونها مع روسيا التي قدمت لها عرضاً سخياً كإطلاق قمر صناعي وتبادلات تجارية وتعاون عسكري، وبالتالي فإن إيران تدخل هذه المفاوضات بمصدر قوة لا ضعف.

خلاصة القول، إن العملية التفاوضية التي يقودها الاتحاد الأوروبي تأتي باتجاه إنقاذ أوروبا من مستنقع الأزمة الأوكرانية، وهذه العملية لن تكون ناجحة من وجهة نظري لأن معطياتها والحجج التفاوضية فيها لا تدفع الجانبين إلى تقديم تنازلات وخاصة من الجانب الإيراني، فواشنطن يصعب عليها توقيع الاتفاق لعلمها الكامل بأنه يهدد الوجود الإسرائيلي، كما أن طهران لن تدخل في مفاوضات وتعلم بأن أمريكا ستنسحب من ذلك الاتفاق بعد عامين.

فأصبحت الملفات مفتوحة بشأن الاتفاق النووي واللعب السياسي بات مكشوفاً وليس هناك ما يمكن التستر عليه أو إخفاؤه على الرأي العام، فإيران وأمريكا قد يتفقان ولكن قد يختلفان، وفي هذه الأثناء قد يبزغ لنا اتفاق مصغر ولفترة محدودة لإنقاذ أوروبا من مستنقع العقوبات التي فرضتها على روسيا بشأن عدم استيراد الغاز وخاصة أن الشتاء على الأبواب.