قد تبدو المواضيع التي سأوردها متناقضة لكنّ تناقضها هو ما يجمعها.

الموقع الأول فلسطين:

تبدو الحرب الآن في غزة بين إسرائيل والفلسطينيين، إنما الواقع هي صراع بين حركة حماس وحركة الجهاد على من له الكلمة الأخيرة في غزة!!

الحركتان في غزة لديهما خلافاتهما ومن بينها أن حماس تريد إعمار غزة والتخفيف عن السكان. في حين أن حركة الجهاد لا تؤمن بالهدنة ولا بالحياة المرفهة كما تصفها، بل بالجهاد المستمر، لذلك تصرفت حركة الجهاد من تلقاء نفسها دون تنسيق مع حماس وأطلقت الصواريخ على إسرائيل رداً على اغتيال أحد قادتها بطائرة إسرائيلية مسيرة، وجاء الرد الإسرائيلي على غزة كلها بأطفالها ونسائها وشيبها وشبابها. حماس طلبت من مصر التدخل والوساطة لوقف إطلاق النار رأفة بالمدنيين الذين لا ذنب لهم في العقاب.

نبحث هنا عمن رفع شعار المقاومة ماذا تنتظرون؟ في هذه الحرب أين فيلق القدس؟ أين حزب الله؟ أين الحوثيون؟ أين الحشد، بل أين إيران؟ والأدهى أين حماس؟

قمة التناقض بين محور قائم على مقاومة إسرائيل ومحاربتها، لكنه لا يحرك شعرة مقاومة واحدة تجاهها وهي تقصف بضراوة الشعب الفلسطيني وتقتحم الأقصى ولكنه يقف ويتفرج مع البقية.

أليس هذا هو وقت المقاومة؟ أليس هذا سبباً لتجمعكم وهذا وقتكم؟ أليس هذا ما تعايروننا به؟ أين إذن ما تقولونه مما تفعلونه؟ نحن منبطحون وصهاينة ومطبعون آمنا بالله، إنما أين أنتم يا مقاومون، يا مقدسيون، يا فيالق، يا أحزاب الله وأنصاره؟ أين نصيبكم من اسمكم؟

الموقع الثاني إيران:

تقرأ عن عدد الإعدامات في إيران في العام الماضي فقط فتجد أنها وصلت إلى 531 وآخر أحكامها فقْء العين لرجلين وامرأة، وتستمع لشكوى الطائفة البهائية في إيران فتجد قمة الاضطهاد والتعسف باعتقالهم وإجبارهم على دفن موتاهم في مقابر جماعية ونبش قبورهم وملاحقتهم، بمعنى لو بحثنا عن بلد يمثل الإرهاب والقمع والتعسف والاضطهاد لوجدنا إيران هي المركز الدولي الأول لهذه الممارسات، ثم يأتيك مركز العالم في الدفاع عن حقوق الإنسان وملاحقة الدول التي تخالف تلك القيم أي الولايات المتحدة الأمريكية ودول الغرب الأوروبي فتجد ستاراً أدكنَ يحول بين بصيرتها وبين تلك الجرائم الإيرانية، والحال مقلوب بحيث تمتنع إيران عن التفاوض مع الغرب، والغرب يجري لاسترضاء إيران وإقناعها بالعودة إلى المفاوضات!!

أليس من المفروض أن نرى هنا أشد أنواع الضغوطات والعقوبات وإجراءات العزل والنبذ؟ أليست إيران نموذجاً للدول المضطهِدة لحقوق الإنسان؟ ألا يقتل هنا المعارضون والناشطون والصحفيون؟ كم العدد الذي سيحرككم إن لم يكن 531 عملية إعدام؟

لهذا عزيزي القارئ، موضة اليوم كل شعار مرفوع هو عكس المقصود منه تماماً، فمحور المقاومة هو لا مقاومة ولا هم يحزنون، ومحور المدافعين عن حقوق الإنسان هو لا دفاع ولا حماية ولا هم يحزنون، وقيسوا على ذلك كل شعار براق ترونه فإنه يعني النقيض تماماً بما يخالف اسمه، وبانتظار أمثلة أخرى نستمتع فيها بكشف تناقضاتها.