في ظل التطور السريع الذي اجتاح العالم وأصبحت معطيات كل الأجهزة والوزارات والمؤسسات أصبحت إيجابية حيث دخلت عليها الحداثة من جراء الإلكترونيات واستخدام الكمبيوتر والنت وغيرها، ولكن لو نظرنا إلى ما يحدث في إعلامنا العربي نجد أننا قد حكمنا عليه بالإعدام حتى أصبحت الصحافة الورقية لا وجود لها وقنواتنا التلفزيونية لا أحد يشاهدها وإذاعاتنا في عالم كان. من أجل ذلك ظهر إعلام آخر وهو ما يسمى بـ«الإعلام الجديد» أو «السوشل ميديا»، وظهرت معه حفنة من البشر أطلقوا على أنفسهم مشاهير «السوشل ميديا» هم في الواقع مناشير وليسوا مشاهير، «طالعين ماكلين نازلين ماكلين»، حتى أن البعض منهم في البداية «طلوعهم» كانوا يتلبسون قمصان الوطنية وحب الوطن ويدافعون بأصواتهم عن كل ما يشوه الإنسانية ويبدون المشورة ويطرحون الآراء السديدة ولكن سرعان ما تحولوا إلى كيفية الوصول إلى الثراء السريع من خلال ثوانٍ معدودة يخرجون بها عبر التواصل الاجتماعي وأصبح لديهم متابعون وهم مساكين «مع الخيل يا شقرا»، والأدهى والأمر أنهم أطلقوا على أنفسهم إعلاميين، وأصبح كل من له حرفة تسمى من المشاهير حتى الأطفال الذين لم يبلغوا الخامسة عشرة دخلوا من باب «المناشير» لمجرد أن الطفل يتكلم بلهجات محلية أو عفوية هذه اللهجات والحركات أصبحت مسلية ومضحكة ومن يتقمصونها أصبحوا في عالم المشاهير حتى أن البعض حينما يراد منه أن يقوم بنوع من الدعاية لتصريف منتج جديد أو افتتاح محل جديد يلجأ صاحب المنشأة إلى تلك الحفنة لكي تطلع بضاعته، ويتحدث عنها فلان وأصبحوا يدرون مبالغ طائلة من وراء هؤلاء السذج والسبب في ذلك هو غياب الإعلام الحقيقي من صحافة وتلفزيون وذلك لرداءة البرامج المقدمة للمشاهد أو المحتوى المقدم للقارئ، لدرجة أن كتابنا الأفاضل الذين أثروا الساحات بشتى أنواع المعارف توقفوا عن الكتابة تاركين الفراغ لـ«المناشير».

نعم نحن نحتاج إلى إعلام قوي إعلام متواجد عبر صحافتنا الورقية وقنواتنا التلفزيونية نحتاج إلى إعلام قوي يخدم قضايانا العربية بمسمى الإعلام الحقيقي ربما الكثير سيقول العالم يتقدم وأنت متخلف إذن فدول العالم المتقدم لم تنتهِ فيها الصحافة الورقية ولم تنتهِ قنواتهم التلفزيونية وهم مواكبون للأحداث العالمية أكثر منا في الوطن العربي بعشرات السنين هؤلاء لم يؤثر فيهم الإعلام الجديد وينسيهم الإعلام الحقيقي لم تنتهِ لديهم الصحافة والصحفيون والإذاعة والمذيعون فهل لنا من عودة ثانية لإحياء إعلامنا الحقيقي ونقول لهؤلاء المشاهير أو «المناشير» كفاكم ما كنزتم من «السوشل ميديا».

* كاتب ومحلل سياسي