الحرية مطلب إنساني فطري لا يختلف عليه اثنان، فمنذ انهزام الدولة العثمانية في الحرب العالمية الأولى من عام 1914 إلى 1918، وانتصار الحلفاء واستيلائهم على تركة الدولة المهزومة وتقسيم الغنيمة على قطبي الإنتصار، أعني بريطانيا وفرنسا، وخاصة في سوريا ولبنان والأردن والعراق، وأصبح لكل منهم حكومة من أنفسهم، رافضين هندسة الحلفاء، إلا فلسطين فقد وضعت تحت الانتداب البريطاني، والقصد شرعنة وعد بلفور، مع أن العرب ناصروا الحلفاء تحت راية الثورة العربية الكبرى للتخلص من الهيمنة العثمانية، وأصبح مستقبل فلسطين وشعبها في مهب الريح.

إلا أن انتفاضات الفلسطينيين المتكررة ووقوف الدول العربية معهم، لم تلق بالاً من حكومة الانتداب، ما أدى إلى دخول القضية الفلسطينية إلى دهاليز الأمم المتحدة ومجلس الأمن، وتمخض عن ذلك تقسيم فلسطين إلى دولتين، دون وضع خطوط فاصلة واضحة.

بعد حرب عام 1967 تمددت دولة إسرائيل وتجاوزت حدودها في العمق الفلسطيني وفي هضبة الجولان، ما أدى إلى كثير من نزف الدم بين الطرفين.

وحقناً لهذه الدماء وإزهاق الأرواح البريئة، صدر قرار أممي بانسحاب إسرائيل إلى حدود ما قبل حرب 1967، ولاقى هذا القرار قبولاً من أعضاء الأمم المتحدة ومجلس الأمن ومن الفلسطينيين وعدد من الدول العربية، صوناً للسلم والأمن الدوليين، وإنهاء الصراع الذي طالت مدته.

إن إقامة علاقات دبلوماسية مع إسرائيل تأتي لاستتباب السلام في منطقة الشرق الأوسط والعالم، وتبرهن أننا أمة العرب دعاة أمن واستقرار وتسامح وننشد الخير في جميع الشعوب.

إن ما يتعرض له قطاع غزة من اعتداء هذه الأيام بهذه القوة، لا يخدم السلام المنشود، بل يزيد الجروح ويفاقم الفاصل بين الشعبين الفلسطيني والإسرائيلي، فإذا صرح فخامة الرئيس الأمريكي جو بايدن بأن حل الدولتين هو القرار الواجب تطبيقه، فإن ما يتعرض له قطاع غزة من هجوم مدمر، وإقتحام المسجد الأقصى بحراسة من الجيش الإسرائيلي، يدعو الأمم المتحدة ومجلس الأمن والدول ذات التأثير على ضرورة تنفيذ القرارات الدولية، وإن قرار وزارة الخارجية الروسية الأخير نتيجة لما تعرض له قطاع غزة من هجوم مدمر، يؤيد حل الدولتين، وشكراً لفخامة الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي لما بذله من مساعٍ حميدة لوقف إطلاق النار بين الطرفين وفتح المعابر.