درجة الحرارة ما بين الصباح وحتى المغرب لم تنخفض عن الأربعين درجة مئوية منذ أسابيع إلا نادراً. وصحيح أننا نتعايش هنا مع الأجواء الحارة والرطوبة منذ أن عرفنا الدنيا لكن هذه الأجواء أصبحت أكثر شدة وسخونة في السنوات الماضية. وبلد مثل البحرين طقسها صحراوي حار وتعاني أيضاً من التصحر وانكماش الرقعة الخضراء قد لا ينفعها سوى تكثيف التشجير وإعادة الاخضرار لمناطقها كي تتحسن فيها درجات الحرارة المسجلة والمحسوسة. فالتشجير حسب تقرير الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ الصادر في أغسطس 2021 يساهم في خفض معدلات تعرية الأراضي وفي الأمد البعيد قد يسهم في خفض درجة الحرارة نظراً لقدرة المساحات الخضراء على امتصاص ثاني أكسيد الكربون المسبب الرئيس للاحتباس الحراري.

ولن أعيد إسطوانة «بلد المليون نخلة» وكيف قضينا على منابع الماء العذب وتخلصنا من النخيل في سنوات قصيرة وحولنا المساحات الخضراء إلى شوارع ومبانٍ خرسانية منعت الهواء العليل وجعلتنا نعاني من التعرية والتصحر وارتفاع في درجة الحرارة المحسوسة فهذه الإسطوانة مسموعة ومعروفة ولا مجال للبكاء على اللبن المسكوب. اليوم، من الأفضل الحديث عن الحلول والمبادرات التي تسعى أن تتدارك الوضع وأهمها خطة التشجير التي تبنتها الحكومة بداية هذا العام وتهدف إلى زيادة العدد الحالي للأشجار من 1.8 مليون شجرة إلى 3.6 مليون شجرة بحلول عام 2035 وذلك تماشياً مع التزامات البحرين باتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ «COP26». وسبقتها حملة وطنية للتشجير حملت شعار «دمتِ خضراء» برعاية كريمة من صاحبة السمو الملكي الأميرة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة، قرينة عاهل البلاد المعظم، رئيسة المجلس الأعلى للمرأة، حفظها الله كان هدفها إطلاق مشروعات للتشجير في المحافظات الأربع من خلال زراعة أكثر من خمسين ألف شجرة وشجيرة على مساحة تقدر بأكثر من 70 ألف متر مربع وأكثر من 21 ألف متر طولي خلال المرحلة الأولى وانطلقت في أكتوبر 2021 وساهمت فيها شركات وبنوك من القطاع الخاص.

واليوم أكثر من أي وقت مضى نحتاج إلى زيادة الجهود وجعل عودة اللون الأخضر الطبيعي أمراً ملزماً في المخططات العمرانية الجديدة وبمساحات أكبر وأكثر حتى لو كان ذلك على حساب بعض المكاسب الاستثمارية المالية فكما وسعنا الطرقات والشوارع في الاشتراطات الجديدة للتعمير علينا أن لا نغفل ضرورة وجود «رئة» خضراء واسعة في كل بقعة دون تردد. كذلك من المفروض تشجيع ودعم كل المبادرات الفردية أو المؤسساتية التي تسير في طريق زيادة المناطق الخضراء. من جانب آخر، يستحسن في هذه الأيام التي يشتد فيها الحر أن يردد المسلم دعاء «اللهم أجرني من حر جهنم» الذي ورد عن رسول الله صلى الله عليه و سلم بدلاً من التأفف وشتم الجو ولعن الطقس كما يقوم به البعض دون وعي.