في السنوات الأخيرة برز اسم المغرب على مستوى العالم بشكل مدهش ومغاير عن المعتاد. فالمغرب اليوم معروفة عالمياً ليس لأنها بلد سياحي يقبل عليه الأجانب من كل مكان فقط أو بلد يوفر البيئة المناسبة لتصوير أفلام هوليود كما نعلم أو لأن منتخبها الكروي الملقب بأسود الأطلسي وصل لكأس العالم كالمعتاد. اليوم المغرب أصبحت تعرف عالمياً على أنها أكبر منتج للسيارات في القارة الأفريقية متفوقة على جنوب أفريقيا التي كانت تحتل الصدارة في هذا المجال قبل ثلاثة أو أربعة أعوام.

وقد وصلت قيمة صادرات المغرب من السيارات إلى 10 مليارات دولار في 2019 جاءت من خلال تصنيع وتصدير ما يقارب 400 ألف سيارة سنوياً. وتباع سياراتها في أسواق فرنسا وإسبانيا وألمانيا وإيطاليا وتركيا.

وكانت كل من (رينو) و(بيجو) الفرنسيتين قد اتخذتا من المغرب مقراً لتصنيع أنواع معينة من سياراتهما مستفيدتين من الاستقرار الذي تعيشه المغرب وانخفاض أجرة الأيدي العاملة والتسهيلات المتوفرة للاستثمار في قطاع السيارات للشركات الأجنبية وقرب المغرب الجغرافي من السوق الأوروبية. وساهم هذا الاستثمار من الشركتين العملاقتين في جذب العشرات من الشركات العالمية المصنعة لقطع الغيار من اليابان والولايات المتحدة الأمريكية وألمانيا والتي قررت كلها تشغيل مصانع لها في طنجة وكازابلانكا والرباط لدعم صناعة السيارات.

ومؤخراً وقعت شركة (بي واي دي) الصينية مذكرة تفاهم لبناء مصنع لسياراتها الكهربائية في إقليم القنيطرة مما سيساهم في نقل التكنولوجيا الحديثة في تصنيع السيارات للمغرب في غضون سنوات قصيرة.

وتشير مقالة في الفانينشال تايمز أن صناعة السيارات في المغرب مثال يحتذى به في تدخل الدولة بشكل إيجابي وجاد من خلال تنظيم قطاع فيه الكثير من المنافسة مع نظرة تجاه الأسواق العالمية تضمن جودة المنتج. وبينت أن قطاع تصنيع السيارات في المغرب يوظف مباشرة 220 ألف عامل يعملون من ضمن 250 شركة توريد قطع غيار محلية الصنع تم تأسيسها في المغرب منذ البدء في صناعة السيارات.

وصحيح أن صناعة السيارات في المغرب بدأت في الستينات لكنها كانت صناعة أشبه بالثانوية وإنتاجها ضئيل ومتواضع الجودة. اليوم وبفضل جهود المغرب الحكومية في جذب الاستثمارات الداعمة لهذه الصناعة وتخصيص المدن الصناعية مع تسهيلات كبيرة للمستثمرين ودعمهم من خلال توفير بنية تحتية مثل ميناء (طنجة المتوسط) ذي الطاقة الاستيعابية الضخمة تحولت هذه الصناعة إلى قطاع أساسي يمثل 27% من صادرات البلد وينتج سيارات بمواصفات متطورة تناسب مواصفات السوق الأوروبية والأبرز أنه يوظف مئات الألوف من المواطنين.