يكاد أن يكون الملف الأمني هو أعظم هاجس يقلق الدول والمجتمع على حد سواء وهو يأخذ حيزاً كبيراً من الاهتمام وحتى في رصد الميزانية وهو يتشعب لعدة محاور متمثلة بالحفاظ على أمن الفرد والمجتمع من الخرق الداخلي والخارجي وتطوير الأداء في جميع المؤسسات وبالذات الأمنية لتفادي الخروقات وتطوير الأداء الأمني للمنافذ والحدود. وغيرها الكثير.

وسنتناول هنا ملف البطالة وعلاقته بالوضع الأمني، ومن الأهمية بمكان المصارحة ومعالجته بعيداً عن المزايدات والتصريحات، فهو أكبر خطر يهدد الاستقرار والسلم المجتمعي وهو ككرة الثلج التي تتدحرج متسارعة من أعلى القمة ولن تستطيع قوة إيقافها في حال انطلاقها وتعاظمها.

وعلى سبيل المثال لا الحصر فإن مايمر به العراق اليوم من صراع سببه الفساد المستشري وتعاظم البطالة بين الشباب.

فالاستقرار الأمني يبدأ من تحصين جيل الشباب وتثقيفهم أمنياً ثم تهيئتهم فكرياً ومهنياً لأن يكونوا بناة المجتمع ثم فتح فرص عمل لهم تتلاءم مع خبراتهم المكتسبة وطاقاتهم، فالبطالة والفراغ قد ينحدرا بالشباب إلى الدرك الأسفل من الفوضى والضياع وقد يسلك بعدها جيل الشباب طرقاً ملتوية ليؤمنوا لقمة عيشهم بعد أن أصبحوا عالة على أهلهم، وربما ستزيد بعدها حالات الجريمة المنظمة وعزوف الشباب عن الزواج والاستقرار في خال تجاهلهم.

وعندما يقعون في المحظور، سيلاحقهم القضاء وسيكونون عالة على الدولة.

وشطر آخر منهم عندما يبلغ عندهم اليأس مبلغه سينزوون في إحدى حجر بيوتهم لتتلبسهم الأمراض النفسية أو يستدرجهم أصدقاء السوء ليخرجوهم من عزلتهم في طريق تعاطي المخدرات وهذا خطر آخر يواجهه المجتمع ويمزقه.

والخطر الأكبر عندما يخترقهم الأعداء في تجنيدهم بالعمل ضد مصالح الدولة والمجتمع مقابل دنانير معدودة!

عليه بات من الأهمية بمكان أن تولي الدولة ومؤسساتها ملف البطالة الأهمية القصوى للحفاظ على أمن المجتمع ليبقى مستقراً ومزدهراً عصياً على الأعداء.

تمثل البطالة اليوم تحدياً خطيراً لا يقل خطورة عن الحروب والتهديد الخارجي والأوبئة والكوارث فهو لا يؤرق العوائل البحرينية وهي عاجزة عن تحمله لوحدها فحسب بل هو نذير شؤم مستطير يهدد استقرار المجتمع.

ويجب أن يتم معالجة المعضلة من جذورها، وأول خطوة هي أن يكون هنالك تنسيق بين مخرجات الجامعات وسوق العمل، وإلزام الشركات الأجنبية والمستثمرين بأن يكون لهم دور فاعل مع الدولة في القضاء على أزمة البطالة وأن لا يقتصر ذلك على صرف المعونة لعدة أشهر ثم غلق الملف! ولا بسن قوانين لا تجد طريقها إلى التنفيذ، فالخطوة الجريئة الأهم هي تفعيل البحرنة في القطاعين العام والخاص فعلياً وليس بتصريحات رنانة..

ومن هذا المنطلق فنحن ككتاب نثمن ونشيد بمناخ الحرية والديمقراطية التي كفلها الدستور والوثيقة الإصلاحية تحت راية جلالة الملك المعظم حمد بن عيسى آل خليفة وولي عهده الأمين سمو رئيس الوزراء حفظه الله في تناول قضايا المجتمع دون تحفظ وهذا من نعم الله أن يتمكن الكتاب في هذه المملكة الواعدة من إيصال شكاوى وصوت المواطن دون تردد ولا تحفظ.