تلقت قلوبنا صفعة من نوع حاد مع صوت الصفعة التي تعرضت لها الطفلة الجميلة أميرة، لم تكن صفعة على وجه طفلة بل كانت زلزالاً لوجداننا وأماننا، فالكل شعر بأنه ولي أمر هذه الطفلة ودمعت عينه وبدأ بالدعاء على اليد التي امتدت عليها وهذا ما شهدناه من تعليقات على مختلف منصات التواصل الاجتماعي، حيث بدأت الحشود والجماهير الإلكترونية بحملات الغضب الجماعية وممارسة التفوق الأخلاقي في الانتصار لهذه الطفلة حتى اقتحمت الحشود الإلكترونية حسابات الروضة والبحث عن صورة للمتهمة والتعليق عليها والدعاء عليها في عملية إظهار بغضهم لهذا السلوك والتبرؤ منه بشكل مباشر وذلك في سبيل إظهار سلوك إيجابي شخصي بشكل غير مباشر.

ننتقل للحدثين الآخرين وهما أحد مشاهير السوشيال ميديا التي استعرضت طفلها وصديقاً له وتصويرهما بطريقة تعرض بعض الآثار والإصابات والادعاء بأن كل ما نراه من تعنيف جسدي هو اعتداء من مدرس في إحدى المدارس التابعة لوزارة التربية والتعليم، وأخرى كانت قد ادعت بأن المعلمة قد قامت بكسر سبورة على رأس ابنها في سابقة غريبة من نوعها. تكررت حملات الغضب والمؤازرة والدعاء على هذا المدرس والمدرسة ونشر الفيديو والخبر على مختلف المنصات مع مطالبة الجماهير الغاضبة الوزارة بتطبيق أشد العقوبات على هؤلاء المدرسين، كما ظهرت فئة أخرى بنشر الرعب والخوف بين الأهالي، والترويج لفكرة انعدام الأمان داخل أسوار المدارس وتصوير المدرسين كوحوش يبحثون عن فريسة لتعنيفها وإشباع رغبات العنف التي بداخلهم وكأننا في غابة وتجربة تعليمية جديدة.

وبهدوء تام وعمل احترافي قامت وزارة التربية بوضع النقاط على الحروف والبدء في الإجراءات الرسمية للنظر في القضايا المزمعة، حتى تشكلت لجان التحقيق وقامت الوزارة بإصدار تصريح وتبيان للوقائع وكشف الطرف الآخر من القصة دون اللعب على وتر العواطف، ولم تتوقف الوزارة عند هذا الحد بل أكدت على قيامها بطلب رد الاعتبار وتكليف الجهات المختصة بمحاسبة من نشر تلك القصص والوقوف في صف المعلم والمطالبة باحترامهم ورد اعتبارهم وعدم السماح بمس كرامة المعلمين.

بعد تصريح الوزارة والجهات المعنية انقلبت كل تلك الجماهير بالتصفيق للوزارة والدفاع عنها وعن المدارس، والتهجم على من نشر الحادثتين واتهامهما بالكذب وزوال مصداقيتهم، والمراقب للتعليقات يجد أن نفس الحسابات والأشخاص الذين هاجموا هم الذين دافعوا وهاجموا الطرف الآخر اليوم، وهذا ما يسمى بسلوك القطيع!!

لقد تمادى هؤلاء في حملاتهم ضاربين تاريخ البحرين التعليمي وقدسية العلم والمعلم عرض الحائط، متناسين قدم التاريخ التعليمي في البحرين والمخرجات التي أخرجها النظام التعليمي الذي كان هو من أوائل الأنظمة التعليمية النموذجية في المنطقة.

ولذلك فإن على الجماهير تحري الصدق والانتظار لسماع الطرف الآخر قبل إطلاق الأحكام وشن حملات الغضب التي سرعان ما انقلب فيها الجماهير من مهاجم إلى مدافع في فترة قصيرة، وهذا ما يدل على سلوك القطيع وعدم بناء وجهات النظر والمواقف على الموضوع بعد سماع الأطراف كلها والاستماع لحيثيات الادعاءات وسماع الجهات المختصة!!