في خضمّ الأحداث الجارية والمشاكل التي نسمع عنها ونراها بكاميرات ذكية لنعرف أموراً مخفية في بعض الأماكن المهنيةِ والتعليميةِ، والتي أحياناً كثيرة تصل لنا من وجهة نظر أحادية، لذا لن أخوض بأمور باتت عند الجميع مرئية. لأنني على يقين بأن التحقيقات من الجهات المعنية كفيلة أن تُظهر الحقائق الجليّة.

«أنا لا أسرق من طلبتي» هذا العنوان استفزني وجذب انتباهي على إحدى صفحات تطبيقات التواصل الاجتماعي، يا ترى كيف لمعلمة بهذا الاعتراف الصريح والخطير بأنها لا تسرق طلبتها؟ أكثر من سيناريو سلبي ومأساوي طرأ في ذهني إلى أن قرأت ما جاء في المنشور وعرفت ما هو المقصود.

«لا تسرق من طلبتها»، فحصتها 60 دقيقة. تحضر وتخرج من الصف في الوقت المحدد، بدون زيادة أو نقصان. وخلال الحصة الدراسية لا تسمح أن تشغل نفسها ولو لثوانٍ بأمر لا يمتّ للحصة والمادة التعليمية والطلبة بِصِلة. فهي أشبه وكأنها داخل غرفة جراحية وعليها أن تضع كامل تركيزها وطاقتها وحبها وعلمها مع طلبتها. «لا تسرق من طلبتها»، كونها لا تُقدِم على إعطائهم معلومات جديدة قبل أن تتأكد بشتى الوسائل بأن المعلومات السابقة مفهومة لديهم على أكمل وجه. «لا تسرق من طلبتها»، وذلك حتى لا تظهر بحلّة مزركشة شأنها أن تشتت انتباههم وتفقدهم تركيزهم الكلي.

حقيقة ما قالته المعلمة الأجنبية لا يعتبر تفكيراً فيلسوفياً وإنما هو كلام منبثق من تعاليم ديننا الحنيف والتي للأسف كثير منا عنها بغافلين، «مبدأ أن نؤدي الأمانات إلى أهلها». التدريس هو أمانة مهنية سامية. توجيه الطلبة، تدريبهم توعيتهم إرشادهم، تفهيمهم، التأكد بأن المعلومة وصلت لهم بالشكل الصحيح، ونوعية الوقت الذي نقضيه معهم، كلها أمانات على عاتق المعلم تجاه طلبته سوف يُسأل عنها يوماً ما. هل فكرت بهذا المنطق أيها المعلم الفاضل مسبقاً؟

نعود ونكرر، إن المسؤولية مشتركة ما بين المدرسة والمنزل. فلا يمكن للمدرسة أن تُصلح وتصحّح ما أفسده بعض الأهل مع أبنائهم. ولا يمكن للأهل أن يأخذوا مكان المعلم عند تقاعسه بدوره الحقيقي وهو تعليم ما يجهله أبناؤنا.. تحية لكَ أيها المعلم الصادق الأمين فنحن لجهودك النيرة من المقدرين، وتحية لكل ولي أمر عرف كيف يربي أبناءه على الرقي والاحترام والتهذيب... دمتم بحب سالمين!