من القصص التي رواها الكاتب والروائي التركي عزيز نيسين قصة عن عائلة تركية كانت تعيش في بيت كبير.. ولم تجد هذه العائلة مانعاً من أن تؤجر حجرة منه.. ثم حجرة أخرى.. ثم حجرة ثالثة.. وهكذا.. جرى المال في يد الأسرة..

وراحت تنفق هذا المال على أشياء لا لزوم لها.. لكن المستأجرين سرعان ما ضجوا بالشكوى من قلة المياه.. فوافقت الأسرة على أن تقترض منهم لإصلاح شبكة المياه.. ثم اقترضت منهم لإصلاح شبكة الصرف.. ثم اقترضت منهم لإصلاح طرقات الحديقة.. ولأنها عجزت عن السداد.. فقد سمحت بمزيد من الغرباء أن يدخلوا البيت ويسكنوا فيه.. ثم سمحت لهم بالسيطرة على الحديقة.. ثم تركت لهم كل البيت وسكنت فوق السطح.. ثم لم تجد مفراً من أن يعمل أفرادها في خدمة هؤلاء الغرباء.. وأصبحوا خدماً لهم..

وهنا صرخ الابن الكبير: إن هذا البيت لم يعد بيتنا.. نحن الذين أصبحنا فيه غرباء.. لكن الأب غضب بعنف على ما سمعه من ابنه.. وسارع بفتح خزانته السرية وأخرج منها ورقة قديمة تثبت أنه ورث البيت أباً عن جد.

وقد دخل عزيز نيسين السجن بعد نشر هذه القصة..

وقال المدعي العام العسكري الذي كان يحاكمه إنه كان يقصد الوطن بهذا البيت..

وابتسم عزيز نيسين ابتسامة ساخرة وقال: مادمتم بهذه الفطنة، فلماذا فتحتم أبواب وحجرات الوطن للغرباء حتى احتلونا بالديون وأصبحنا نحن الغرباء رغم سندات الملكية التي نحملها ونحن سعداء؟!!