لايزال مركز عيسى الثقافي يمثل معلماً ثقافياً وحضارياً في مملكة البحرين من خلال تحقيق أهدافه السامية في تنظيم الأنشطة والفعاليات المختلفة والتعريف بثقافة مملكة البحرين وتاريخها الحضاري، بالإضافة إلى تشجيع ودعم الإبداع الفكري والثقافي على الصعيد الوطني، من خلال إبداعات وفكر القائمين عليه وكوادره المتميزة والنشطة تحت قيادة معالي الدكتور الشيخ خالد بن خليفة آل خليفة نائب رئيس مجلس الأمناء المدير التنفيذي لمركز عيسى الثقافي.

وقبل أيام نظم المركز طاولة مستديرة تحت عنوان «تحولات التجربة الانتخابية في البحرين»، حيث أدراها الباحث والخبير القانوني د.علي الصديقي، وقد كان ضيوفها نخبة وصفوة من المخضرمين والأكاديميين في مجالات البحوث والدراسات والتأريخ والقانون، حيث ضمت الطاولة المستديرة كلاً من: أستاذ التاريخ الحديث من دولة الكويت د.عايد الجريد، والباحث والمؤرخ راشد الجاسم، والباحث بمركز الوثائق التاريخية بمركز عيسى الثقافي يوسف عقيل، ورئيس قسم القانون العام بجامعة البحرين د.مروان المدرس، والإنثروبولوجي البحريني المقيم في ألمانيا د.محمد الزكري، والباحثة والمستشارة القانونية د.منيرة مبارك الفاضل، ورئيس جمعية المرصد لحقوق الإنسان محسن الغريري، وأستاذ القانون العام بجامعة العلوم التطبيقية د.محمد عبدالسلام، والباحثة القانونية د.شيخة العليوي، والباحث عبدالله القطان، والباحث القانوني حمد عبدالله.

ولقد أثارت المناقشات الثرية بين الضيوف مجموعة من القضايا والآراء القيمة والمتميزة والتي كانت تدور حول «تحولات التجربة الانتخابية في مملكة البحرين»، ولقد كان لافتاً التنويه إلى أن التجربة الانتخابية لها امتداداتها في تاريخ البحرين، خاصة ما ذكره معالي الشيخ خالد بن خليفة آل خليفة في كلمته الترحيبية وهي أن «التجارب الانتخابية على مر تاريخ المملكة وتحديداً منذ أكثر من 100 عام، شهدت تحولات كبيرة في النظم والأسس والمرجعيات الانتخابية، بما يؤصل عراقة التجربة ومواكبتها للتغيرات المتعاقبة في البيئة والوعي المجتمعي»، منوهاً إلى أن «حضور المرأة البحرينية هو أول حضور للمرأة على المستوى العربي حيث حظيت بالمشاركة في الانتخابات المحلية».

وهذا ربما ما فتح المجال إلى الحديث عن السبق التاريخي لحضور المرأة البحرينية على المستوى الخليجي والعربي، حيث أثبتت الوثائق التاريخية أحقية التصويت لأي امرأة تملك عقاراً مسجلاً باسمها مع التزامها بدفع رسوم البلدية أسوة بالرجل، على اعتبار ذلك اللبنة الأولى التي حظيت بها المرأة البحرينية من حقوقها السياسية.

كما أنه لم يتم إغفال دور القضاء البحريني الذي يمارس دائماً، دوراً بارزاً، في حماية الحقوق والحريات السياسية، وبالتالي فإنه يقوم بدور الحامي لحقي الترشح والانتخاب ويراعي الحريات السياسية التي تتكامل فيما بينها.

وتتكامل تلك الأدوار شيئاً فشيئاً من خلال حرص المشرع البحريني على تنظيم الضوابط والقواعد المنظمة للدعاية الانتخابية، ومن أبرزها مبدأ المساواة بين المرشحين وحمايتهم من سوء المعاملة، وضمان الشفافية والنزاهة، وحياد السلطات، وضمان عدم التأثير السلبي على الناخبين، وحرمة دور العلم ودور العبادة والمرافق العامة للدولة، وأخلاقيات الدعاية الانتخابية.

كما تم التطرق إلى موضوع شرط الكفاءة العلمية للمرشح، حيث كشفت تلك النقطة عن التباين في الآراء بين تقييد مبدأ حرية الترشح الذي من شأنه التأثير على المشاركة في الحياة السياسية، وفي المقابل يشكل ذلك أيضاً ثغرة ترتبط بعمل النائب داخل المجلس وما يفرضه هذا العمل من خبرة وكفاءة معينة.

ولعل من الظواهر المهمة التي تم التطرق إليها الحديث عن مدى فعالية النظام الجمالي وحماية البيئة في الدعاية الانتخابية البحرينية، حيث اعتبرت تلك النقطة أمراً لا يمكن تحديد الطرف الأضعف فيه، ما بين الدعاية الانتخابية، والمحافظة على البيئة، فكلاهما كفلهما الدستور البحريني وهما وجهان لعملة واحدة.

نقاشات ثرية وقضايا مهمة وأفكار متميزة رشحت من خلال تلك الطاولة المستديرة التي يثبت مركز عيسى الثقافي من خلالها أنه صرح وطني حضاري ومركز فكر ورأي مستنير رائد بقاماته الفكرية والبحثية.