لقد مرّ على مقالي المعنون «مجنون هو من يقصد الطبيب النفسي؟!» عام و7 أيام والجواب انتقل من مرحلة الانتظار إلى مرحلة قيد التنفيذ. فقد لاحظت أن الأمر لم يعد كما السابق بشكله الكلي وما كان سبب خوفاً وقلقاً وانزعاجاً وعيباً وارتباكاً بات اليوم مقبولاً إلى حد ما ولكن أيضاً بتحفظ وبالخفاء. وهذا بفضل الحملات الإعلامية الخجولة والمدروسة التي ترافق اليوم العالمي للصحة النفسية في شهر أكتوبر وتعرّف الأهمية اللازمة لقصد الأخصائي الذي تكمن مهمته بوضع الحلول العلاجية المناسبة «للمريض» نعم مريض وليس «المجنون» كما البعض عنه يقولون. طيب وماذا عن صديقتي التي كانت تقصد المعالج النفسي بشكل سري وخائفة من أن يكشف أمرها وتشوه صورتها أمام من يعرفها؟ فقد أخذت قرار الانسحاب بعد أن تسرب خبر قصدها للطبيب وسمعت ما يمكن أن يكدّر الخاطر ويضعها في شبهة بوجه العارفين. ووجدت نفسها في مواجهة أزمتين؛ أزمة تتعلق بالتبرير والتعليل وأزمة في كيفية استمرارية قصد الطبيب. فاختصرت الطريق وقررت الابتعاد بعد أن زادت على عاتقها الأعباء التي عملت جلّ جهدها كي لا تكشف للجميع.

ومن هنا على بالي أن أوضح أمراً، شكراً لكل الجهود ولكل من يحاول أن يلمّع صورة الطبيب أو المعالج النفسي ولكن الطريق حقاً طويل ولا يمكن أن نختصره بيوم أو لقاء أو فعالية وقليل من التصوير. أعيد وأكرر أن من يقصده لذلك الطبيب لا يعتبر أبداً أنه ارتكب أمراً مشيناً وعليه أن يحجب نفسه عن الآخرين. فنحن الآن أكثر الأوقات حاجة إليه وذلك لما نمر به من ظروف إنسانية، أسرية، وبائية، مهنية، مادية، صحيّة، أمنية وغيرها الكثير. فلعل زيارات قليلة لهذا المختص أو ذاك سوف تجنبنا الكثير من العذاب. انظر للحوادث الأليمة من حولك وسوف تدرك أن زيارة الطبيب النفسي حلٌ كان وليس مدعاة للهلاك.