لا أجد فرقاً بين بعض المرشحين والناخبين وبين بعض الجماهير الكروية من أصحاب التعصب الرياضي والفكر المنقوص والثقافة العامة الغائبة عن أذهانهم وعقولهم، فكما تتعصب وتتحيز تلك الجماهير الرياضية لأنديتها ولاعبيها مهما كانوا على خطأ، يتحيز بعض الناخبين لمرشحين بأعينهم دون أن تكون هناك نظرة واسعة للمصلحة العامة، فتراهم يسيئون لأنفسهم قبل أن يسيئوا لمرشحيهم، كما هو الحال في الرياضة، فأصحاب النظرة الضيقة من الجماهير يكونون أداة بأيدي بعض المدربين وبعض المحللين الكرويين يتلاعبون بهم كيفما شاؤوا ليحققوا أهدافاً شخصية لهم.

بدأت الأصوات تعلو اليوم من قبل عدد من الأهالي يشكون الفرق التي شكلها المرشحون والتي تقتحم على الأهالي خصوصيتهم وتطرق أبوابهم وتحثهم على التصويت لمرشح بعينه دون أدنى اكتراث لخصوصية الناخب والتزاماته وإزعاجه وأسرته في المنزل، والهدف هو الوصول لمقعد النائب تحت قبة البرلمان، ناهيك أن بعض أفراد تلك الفرق التي شكلها النائب بمقابل مادي لا تملك من المعلومات ما يفيد حتى الناخب الذي بات مثقفاً وقادراً على تمييز الواقع واختيار الأنسب بعد عدة تجارب شكلت تراكمات من الخبرة والدراية.

إن كنا في عالم الرياضة لا نستغرب غياب الثقافة عن بعض الجماهير كونها تحوي فئات متعددة فمنها المثقف ومنها الجاهل، ومنها المسيّر الذي يتم استخدامه كأداة لأهداف شخصية من قبل البعض، ولكن نستغرب غياب تلك الثقافة عن بعض المرشحين واستحداثهم لأدوات وظواهر غير صحية عبر تجييش الفرق الإلكترونية لمهاجمة منافسيهم واتهامهم باتهامات باطلة وغير صحيحة بعيداً عن المنافسة الشريفة والتي هدفها الأسمى خدمة الوطن والمواطنين والمشاركة الإيجابية في المشروع والعرس الديمقراطي.

الأمر الإيجابي فيما يحدث على الساحتين الرياضية والسياسية أنها تكشف عن معادن وأخلاقيات البعض، فمثل هذه المناسبات تكشف لنا العقول الناقصة حتى وإن كبرت بالعمر، وتكشف لك غياب الثقافة حتى وإن بدا من المظهر الخارجي عكس ذلك، فبعض المرشحين يؤكد أنه إما أن أنجح وإلا سأقلب الطاولة على الجميع، وكذلك بعض الرياضيين، فإما أن أكون موجوداً على الساحة وإلا سأحارب الموجودين.

عقليات كهذه لن تفيدنا لا في السياسة ولا في غيرها من المواقع، فهي آفة وجرثومة إما أن نعالجها أو نتركها لتأكل نفسها بنفسها.