تلقيت دعويين كريمتين، كلتاهما حظيتا برعاية سامية وكريمة من حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك مملكة البحرين المعظم حفظه الله ورعاه، الأولى لحضور حفل الاستقبال الرسمي لقداسة البابا فرنسيس بابا الفاتيكان، والثانية لحضور الحفل الختامي لملتقى البحرين العالمي للحوار بدورته الأولى بمملكة البحرين «الشرق والغرب من أجل التعايش الإنساني» والذي حضره كذلك فضيلة الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف. ولقد كان لجلالة الملك المعظم كلمتان في كلا المحفلين وضّح من خلالهما رؤيته لمستقبل العالم الذي يعاني من صراعات وحروب كان الدافع وراءها جميعاً الاختلافات الدينية والعرقية والثقافية، وبذلك شخّص جلالته حفظه الله ورعاه الداء ووصف الدواء، بضرورة العمل على جمع كافة الأديان في منتدى دولي لإيجاد علاقة إنسانية خالية من التعصب والعنصرية وإقصاء الطرف الآخر.

ويتضح من مبادرات حضرة صاحب الجلالة الملك المعظم عالميتها، فهي لا تعود بالمصلحة الخاصة على مملكة البحرين فقط، وإنما لمصلحة شاملة لشعوب الأرض جميعاً، ولذلك حظي هذا الملتقى باستجابة من أكبر الرموز الدينية في العالم، لكي تأتي إلى البحرين وتجلس على طاولة واحدة لوضع أطر جديدة للعلاقات الدولية، فيما بينهم. وقد يعتقد البعض أن هذا الملتقى قد انتهى بعودة الجميع إلى بلدانهم، ولكن على العكس فإن الجائزة التي أعلن عنها باسم جلالة الملك المعظم، للحوار ستمنح زخماً أكبر، لأن يكون هذا الملتقى في انعقاد دائم، وهو ما يُظهر مدى حنكة وعبقرية جلالة الملك المعظم حفظه الله ورعاه في إدارة أزمة تعتبر هي أساس كل أزمات العالم، سواء الاقتصادية أو العسكرية أو الاجتماعية وأيضاً البيئية. ومن يقرأ تاريخ البحرين منذ تولي حضرة صاحب الجلالة الملك المعظم قيادتها وحتى انعقاد ملتقى البحرين العالمي للحوار، يستطيع أن يخرج بنتيجة وهي أن احترام الآخر والتعايش والتسامح هو منهج وضعه جلالته قبل أكثر من عقدين في بلد خليجي جميل، ليضيء في ظلمات التعصب والطائفية والعنصرية، ويحولها إلى تآخٍ وتعاون وتآزر، لكي يبقى هذا الكوكب مضيئاً يحتوي كل إنسان دون النظر للونه أو عرقه. ولعل مقولة «الطريق إلى العالمية يبدأ من المحلية» قد تجسدت اليوم بصبغة بحرينية أصيلة رسم ملامحها جلالة الملك المعظم الذي أخذ من تاريخ أهل البحرين في احتضان الآخر والتعايش معه، وجعل هذا التاريخ وهذه السمة، قانوناً محلياً يجب أن يطبق دولياً، وترنو دول العالم لأن تستنسخه من مملكتنا بصياغة قائدها الإنسان. أخيراً وليس آخراً، فقد كنت قد أصدرت كتاباً قبل سنوات بعنوان «ملك الإنسانية» واليوم اكتشفت أن هذا الكتاب لم يكن ليختتم ويطبع بل كان يجب أن تظل صفحاته مفتوحة على امتداد رؤى حضرة صاحب الجلالة الملك المعظم وأفكاره الخلاقة وحنكته وعبقريته التي أدهشت قادة دول العالم بأسره، فيوماً بعد آخر نرى المزيد من المبادرات اللانهائية لجلالته حفظه الله ورعاه ودام عزه.

قبطان - رئيس تحرير جريدة ديلي تربيون الإنجليزية