عكست نتائج الانتخابات النيابية التي شارك فيها 73% من نسبة من تنطبق عليهم شروط التصويت لتؤكد أن الشعب البحريني يدرك أهمية مشاركته في تشكيل البرلمان القادم في ظل عدة تحديات اقتصادية وسياسية.

ولأول مرة منذ عام 2011 بعد الأزمة التي مرّت علينا، احتفل الشعب البحريني بعودة نسيجه المميّز والمتلاحم حيث إن هناك من راهن على أن أصوات الناخب ستذهب إلى المرشح الذي ينتمي إلى مذهبه، ولكن البحرين التي ولدت الشرفاء أثبتت أن الرهان كان خاطئاً حيث جاءت نتائج الانتخابات لتبرهن أن المناطق ذات أغلبية الأصوات السنية صوتت لمرشحين من إخواننا وأخواتنا من المذهب الشيعي، والمناطق التي راهن البعض أن الصوت الشيعي سيذهب فقط للمرشح الشيعي فاز فيها مرشحون من المذهب السني، في دلالة واضحة أن التقسيم المذهبي لم يعد حاجزاً بين المواطنين، فالخوف الذي زُرع ممن كانوا يهددون نسيجنا الاجتماعي أصبح خطاباً مرفوضاً وغير مسموع.

وبالنسبة لدخول ثلاث جمعيات سياسية مجلس النواب القادم فهو خير دليل على أن المسيرة الديمقراطية في البحرين تتطور يوماً بعد يوم والحراك السياسي الذي يدافع عن حقوق المواطن كسب ثقة كل مكونات الشعب وعاد بالجميع إلى ما كنا عليه قبل عام 2011، فلأول مرة منذ أكثر من عشرة أعوام ذهب الناخب إلى صناديق الاقتراع وصوّت لمن يريد أن يكون صوته في البرلمان دون الخوف من أجندات سياسية كان يخفيها من دخل برلمان 2006 و2010.

تُعتبر انتخابات 2022 ونتائجها منعطفاً تاريخياً للبحرين، فالجميع عاد إلى حضن الوطن ورفعوا أصواتهم ضد كلّ من حاول أن يضر بمصلحة البحرين. وقف إخواننا من المذهب الشيعي كمرشحين وناخبين بكل شجاعة في وجه من قام بتهديدهم بتصنيفهم بالخيانة أن شاركوا في الانتخابات، فتحية احترام لهم جميعاً لأنهم ساهموا بكل وطنية في عودة الإحساس بالاطمئنان للآخر. والشارع السني أيضاً أثبت ألا وجود للطائفية بيننا وأن للبحرين صوتاً واحداً فقط. أكثر من 500 مرشح و250 ألف ناخب شاركوا في عودة بلادنا الغالية إلى ما كنا عليه، فالثقة المتبادلة عادت ولا يمكن أن يحدث شرخ آخر باعتقادي بعد اليوم. ولكن التحدي القادم والأكبر هو العمل تحت قبة البرلمان مع الحكومة الجديدة، فنجاح أي مجلس تشريعي مرتبط باستجابة الحكومة للمشاريع التي سيطرحها النواب خاصة أن البرلمان الحالي شارك في تشكيله 73% من نسبة الناخبين، ولا يمكن خذلان هذه النسبة العالية التي وضعت كل ثقتها في المسيرة الديمقراطية إيماناً منها أن السلطة التشريعية والتنفيذية ستعملان معاً من أجل الحفاظ على حقوق المواطن.